المؤثرات الفكرية والعاطفية المختلفة شديدا، فإن باستطاعة الإنسان أن يربي نفسه على التركيز ويؤصله فيها حتى تصبح الحيوية والمنطقية طابعا لشخصيته وما يصدر عنها من عمل صغير أو كبير.
والصلاة لما كانت واحدا من الأعمال التي يقوم بها الإنسان كان الاقبال عليها خاضعا لحالة التركيز والإقبال القلبي الذي يتمتع به المصلي في شخصيته وسلوكه العام. ولذلك نجد الأنبياء والأئمة وكبار المؤمنين عليهم السلام يتوفرون في صلاتهم على درجات عجيبة من الاقبال والخشوع ببركة الجدية العامة والحيوية الدائمة التي وهبهم الله إياها من التربي بمنهجه القويم.
الثاني: فهم الصلاة فبمقدار ما يملك الإنسان من وعي الصلاة، لأفعالها وتلاواتها ووعي لموقعها من حياته، يكون نصيبه من الاقبال عليها والإفادة منها. وهكذا يخضع التربي بالصلاة لدرجة فهم الإنسان لحقائق ارتباط الإنسان في صدوره وسلوكه بالله تبارك وتعالى.
فإذا توفر للإنسان قدر من الجد العام في سلوكه، وقدر من الوعي للصلاة وموقعها من حياته، لم يبق عليه إلا العزم عند البدء في الصلاة والانتباه إلى دخوله في حرمها المقدس الجميل. وهذا هو الأمر الثالث الذي يتم به الاقبال على الصلاة.
إن الاقبال بالقلب على الصلاة حالة فكرية وشعورية تتفاوت كمالا ونقصا نتيجة للعوامل الثلاثة المتقدمة، ولكن الأهم من ذلك أنها تختلف فينا وجودا وعد ما بين يوم ويوم وصلاة وصلاة بل وفي الصلاة الواحدة والركعة الوحدة.
وعلينا إذا ابتلينا بفقدان الاقبال على الصلاة أو ابتلينا بسرح القلب بين حين وحين في أثناء الصلاة، أن لا يشكل ذلك في أنفسنا ألما ولا يأسا: فهذه طبيعة القلب البشري وهو يقطع الأيام والسنين بين المؤثرات المختلفة المتكثرة فهو يمتلئ منها ويتأثر بها ولكن الممارسة والمثابرة على إعارة القلب كلما وقع فريسة للضواغط أو سرح عن حقل الصلاة تعيد حالة الاقبال المباركة وترسخها ومن الأمور النافعة للعودة بالقلب إلى الصلاة أن تسكت هنيهة أثناء