منظورة. منها إبليس ومنها الغواسق ومنها النفاثات ومنها أنفس الناس الشريرة، والأنفس الحاسدة بشكل خاص بل لا يبعد أن أجسادنا في رأي الإسلام واقعة في معرض التأثير لأنفس وطاقات مادية معينة. والذي يحمينا من ذلك أنفس أخرى مقابلة سخرها الله لحمايتنا قال عز وجل (والسماء والطارق، وما أدراك ما الطارق؟ النجم الثاقب. إن كل نفس لما عليها حافظ) 1 - 4 الطارق. وقال عز وجل (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار. له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) 10 11 الرعد. ويضاف إلى هذه الحماية التكوينية الحماية التي يوفرها الالتزام بالسلوك الإسلامي والتي تتصاعد تبعا لاستقامة هذا السلوك. قال الله عز وجل (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أوليائكم في الدنيا وفي الآخرة) 30 31 فصلت.
والصلاة باعتبارها ركنا من السلوك الإسلامي لا بد وأن تكون ذات أثر في الحماية، والجهر الذي أوجب الله تعالى في قراءة الصلوات الليلية يرجح كذلك أن يكون له دور في توفير الحماية لأنفسنا كما كان له دور في تطمينها.
أما النهار فهو نشور مبصر يملأ النفس بالحركة والأحداث، فكان المناسب أن تكون الصلاة فيه انسحابا رفيقا من الخصم وهمسا للنفس بحقائق الحياة وتقديسا ودعاءا خفيا بين يدي الرب تبارك وتعالى.
إن الملاحظة الدقيقة لظاهرة الليل وآثارها الشعورية واللاشعورية علينا، وكذلك الملاحظة الدقيقة لامتلاء النفس من حركة النهار تجعلنا ندرك بوجداننا شدة الملاءمة بين العتمة والجهر وبين الضياء والإخفاء في تلاوة الصلاة.
ولذلك فإن إدراك هذه الحكمة يعتمد على الحس الوجداني الذي يتجلى بالملاحظة.
والحكمة الثانية: أنا الجهر والإخفاء يتصلان بطبيعة الرب المقدس تبارك اسمه، فإنه سبحانه " ناء لا بمسافة، قريب لا بمداناة. نأى في قربه وقرب