والأساس، في تسعير العمل من الناحية المعنوية.
ولأجل ذلك قال لينين كلمته المشهورة: " لا وجود عندنا للآداب المعتبرة فوق المجتمع، إنها لأكذوبة سافرة، فالآداب خاضعة عندنا لمنفعة نضال الطبقة العمالية ".
وأما الإسلام: فهو يختلف في دراسته للمسألة: وفي النظرة التي يتبناها عما مرت بنا من نظرات، ومرد هذا الاختلاف إلى الفروق الجوهرية بين الأهداف العالية التي يرمي الإسلام إلى تحقيقها ويستوحي منها مفاهيمه الخلقية، وبين الغايات المحدودة التي تستهدفها مجتمعات رأسمالية ومادية.
فالإسلام يهتم بدوافع العمل لا بمنافعه، ويرى أنه يستمد قيمته من الدوافع لا من المنافع فلا عمل إلا بنية، وما لم تتوفر النية الصالحة لا يكون العمل صالحا مهما كانت منافعه التي تنشأ عنه، لأن الإسلام لا ينظر إلى المظهر الخارجي للعلاقات الاجتماعية فحسب، ولا يعني بالجانب الموضوعي من التعايش الاجتماعي وحياة الناس فقط، إيمانا منه بأن هذا الجانب وذلك المظهر ليس إلا صورة عن حقيقة أعمق وأخطر تعيش في داخل الإنسان، وما لم يتمكن المذهب من كسب تلك الحقيقة وتطويرها وصبها في قالبها الخاص، لا يستطيع أن يمتلك القيادة الحقيقية في المجتمع.
وهكذا نجد: أن الإسلام يقيس قيمة الأعمال بالدوافع والمقدمات والإطارات الفكرية العامة التي تختمر بذرة العمل ضمن نطاقها، بينما يقيس غيره قيمة الأعمال بالنتائج والمنافع والمجالات الحياتية التي يساهم العمل في إصلاحها.
فالإطار الفكري للعام الذي يقرره الإسلام هو: الإيمان بالله واليوم الآخر.
والدوافع هي: العواطف والميول الخيرة التي تنسجم مع هذا الإطار العام، وتندمج معه في وحدة روحية يتكون منها الإنسان المسلم.
والعمل الصالح هو: العمل الذي ينبثق عن هذه العواطف والميول ضمن