الإطار العام.
وبهذا يفتح الإسلام السبيل أمام أي فرد مهما كانت إمكاناته وقدرته على النفع الاجتماعي والعمل النافع للإرتقاء إلى أسمى درجة في سلم النفس البشرية ومراحل كمالها ويفرض على المجتمع أن يقيم تقديراته للأشخاص على مقدار ما تكشف عنه الأعمال من أرصدة روحية ونفسية، لا على المظاهر الخلابة الخاوية مهما بدت عظيمة.
وقد يتبادر إلى بعض الأذهان: أن العرف غير الإسلامي في تقدير الأعمال أكثر واقعية من العرف الإسلامي الذي يقرره القرآن، لأن المهم قبل كان شئ توفير مصالح المجتمع وحماية هذه المصالح. فكل عمل كان يواكب هذا الهدف فهو عمل مجيد من مصلحتنا جميعا أن نقدره ونمجده لنشجع على الإتيان بمثله، وماذا يهمنا بعد أن نصل عن طريقة إلى مكاسب موضوعية الدافع الذي يختفي وراءه والظروف النفسية التي اكتنفت تصميم العامل على العمل؟!.
إن الشئ الجدير بالتقدير حقا هو أن يشيد الغني مدرسة لأبنائنا، لأن هذا التقدير والإعجاب سوف يشجعه في عمله فتتضاعف مكاسبنا، ولا يهمنا أن يكون لهذا الغني طمع شخصي يدفعه، ما دام هذا الطمع يدفعه إلى فعل الخبر وخدمة المجتمع.
ولكن نظرة سطحية كهذه تقف عند ظواهر الأعمال ولا تغوص إلى الأعماق تختلف مع طبيعة الرسالة الإسلامية من ناحية، ومع مفهوم الإسلام عن الارتباط الكامل بين العمل ورصيده الروحي والفكري من ناحية أخرى.
فمن الناحية الأولى: ليس الإسلام مجرد تنظيم للسلوك الخارجي، وإنما هو رسالة تهدف إلى صنع الإنسان قبل كل شئ ومنحه الحياة الجديرة به (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذ دعاكم لما يحييكم، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وإنه إليه تحشرون).