فلسفة الصلاة - الشيخ علي الكوراني العاملي - الصفحة ١٨٠
والأصل الثاني: أنه لا بد في التشريع الإسلامي أن يكون ميسرا لظروف الناس ومستوياتهم جميعا، لأنه تشريع لهم جميعا.
وبموجب هذين الأصلين الغرض التربوي والكلفة الأقل اللذين هما من طبيعة المنطلق التشريعي في الإسلام، نجد أن التكلم مع الله عز وجل ليس بحد ذاته هدفا للتشريع الإسلامي، وإنما أسلوب تربوي يتبع حيث يكون أكثر عطاءا ويسرا على العباد. أما إذا كان أكثر كلفة وأقل عطاء فإن الله عز وجل لا يتردد في اختيار الأسلوب البديل، وكذلك فعل عز وجل في الصلاة فاختار لها أسلوب التقرير المعين وجعله الطابع العام لها دون أسلوب التكلم المباشر.
لا أريد التقليل من الأهمية التربوية التي نفيدها من التكلم مع الله عز وجل. بل أريد التمييز بين هذين الأسلوبين اللذين تتألف منهما الصلاة:
أسلوب التقرير بضمير الغيبة الذي جعله الله الطابع العام للصلاة، وأسلوب التكلم بضمير الخطاب الذي انحصر في موردين في تلاوات الصلاة الواجبة.
فمن ناحية نجد أن خطاب الحضور مع الله عز وجل يستلزم جهدا ذهنيا أكثر من خطاب الغيبة، فلا ننسى أن الوجود الإلهي مهما كانت درجة وضوحه في عقل الإنسان إلا أنه وجود غائب عن حواسه السائدة بل حتى عن حاسة الخيال الشاسعة. ولذا فإن من الصعوبة بمكان أن تكون صلاة الناس كلها تكلما مع الله عز وجل. بينما أسلوب تقرير الحقائق عن الله والوجود مع النفس على عين الله أكثر يسرا.
ومن ناحية أخرى فإن الصلاة تهدف أن يتربى الإنسان على تقديس الله وتحميده وتوحيده سبحانه. وهذا التربي يفي به أسلوب التقرير أكثر مما يفي به أسلوب التكلم لأن أسلوب التكلم يجعل المقدس المعظم مخاطبا لك، أما أسلوب التقرير فيجعلك تقرر هذه الأوصاف لمقدس عظيم وكأنك تجله عن المخاطبة. وأسلوب التكلم قد يومئ بأن لك نصيبا في تقديس الله عز وجل، لأنك تقوم بإنشاء هذا التقديس. أما أسلوب التقرير فيجعلك تعترف بالتقدس حقيقة كونية ثابتة لا بد لك في إثباتها ولا في نفيها، ولا لأي مخلوق.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 أضواء على الصلاة 5
2 معنى العبادة 7
3 معنى كلمة الصلاة 13
4 الصلاة في الشرائع الإلهية 17
5 لماذا الصلاة 21
6 الصلاة والإنسان والنسيان 25
7 الصلاة ومعالجة النسيان 28
8 الصلاة والإنسان والغيب 37
9 معنى الغيب والشهادة 37
10 الترابط بين الشهادة والغيب 39
11 علاقتنا بالغيب 40
12 دور الصلاة في التعامل مع الغيب 42
13 الفصل الثاني الصلاة في القرآن الكريم 45
14 تقسيم النصوص القرآنية في الصلاة 47
15 فرض الصلاة ووجوبها 49
16 توقيت الصلاة وتعددها 57
17 دلالة التعدد 57
18 دلالة التوقيت 60
19 تطبيق نظرية الإسلام عن الليل والنهار 62
20 المعطى الصحي للتوقيت 68
21 المعطى النفسي للتوقيت 71
22 إقامة الصلاة 75
23 التوجه شطر المسجد الحرام 79
24 قرن الصلاة بالإيمان والزكاة 85
25 الاصطبار والمحافظة على الصلاة 89
26 الإعداد للصلاة بالتطهر 95
27 نهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر 99
28 معنى الفحشاء 99
29 معنى المنكر 100
30 علاقة الصلاة بالسلوك 102
31 معالجة الصلاة للهلع في الشخصية 107
32 صلاة الكسالى وتضييع الصلاة 113
33 الفصل الثالث الصلاة في السنة 121
34 تقسيم نصوص الصلاة في السنة 123
35 النداء للصلاة 125
36 التجمع للصلاة 133
37 الحياة ضمن الجماعة 133
38 مكان التجمع للصلاة 136
39 شكل التجمع للصلاة 139
40 من أبرز ما في هذا المجتمع 140
41 آثار التجمع للصلاة 142
42 أوضاع الصلاة 147
43 تلاوات الصلاة 155
44 التكبير 156
45 سورة الفاتحة 159
46 تلاوة الركوع والسجود 164
47 تلاوة التشهد 169
48 التسبيحات الأربع 173
49 تلاوة التسليم 176
50 الجهر والاخفات 183
51 قبول الصلاة 189
52 العمل الصالح 189
53 العمل المقبول 192
54 النوافل 199
55 الاكثار من الصلاة 200
56 كيف يصبح قلب من يكثر الصلاة 202
57 من نصوص النوافل 206
58 في صلاة الليل 206
59 في النوافل عموما 207
60 الفصل الرابع المعطيات العامة من الصلاة 209
61 المعطى العقلي 211
62 اليقين العقلي ودور الصلاة فيه 212
63 درجات اليقين العقلي 212
64 التأثير السلبي للعامل الذاتي 214
65 تأثير العامل الذاتي في حقل اليقين 215
66 دور الصلاة في علاج المشكلة 215
67 العقلانية في الشخصية ودور الصلاة فيها 219
68 الشخصية العقلانية 219
69 الحصول على السمت العقلاني 220
70 دور الصلاة في ذلك 221
71 المعطى النفسي 223
72 المعطى الاجتماعي 231
73 المعطى الصحي 239
74 الرياضة التلقائية 241
75 العلاقة بين النفس والصحة الجسدية 245
76 الفصل الخامس الجنايات على الصلاة 249
77 جناية الجهل 251
78 ممن لا يصلون 251
79 من المصلين 252
80 جناية الذاتية 255
81 حب الذات 255
82 خطر حب الذات على الصلاة 256
83 جناية الحكام 263