ويؤكد ها الإسلام في الامتزاج والترابط والتفاعل المستمر القائم في هذا الزوج الموحد الذي يشقى معا ويسعد معا.
ويؤكدها في شجبه النظرة المنحطة إلى الجسد والنظرة المغالية في الروح ويستبدلها بنظرة عالية للإنسان بروحه وجسده ومشفقة عليه في آن.
ويؤكدها في الخط السلوكي العام إذ يرفض رهبانية الروح كما يرفض مادية الجسد.
ثم ينسجم مع هذه النظرة الموضوعية في تشريعاته كلها فتجئ تشريعات لا للروح السارحة ولا للجسد القابع وإنما للمزيج الإلهي الموحد الإنسان وينسجم مع هذه النظرة في عمليته التربوية اليومية الصلاة فيجعلها مزيجا من التطهر بالماء والوقوف والركوع والسجود والجلوس والقراءة والنية والتأمل والخشوع.. مزيجا تربويا مركبا من روح وجسد لهذا المزيج الموحد في روح وجسد.
إن إدراك الضرورة في أفعال الصلاة البدنية ليس على جانب من الصعوبة، فما على الذين يرتابون في هذه الضرورة إلا أن يلاحظوا مرة واحدة أثر هذه الأفعال في أنفسهم، ثم ليحكموا عن حس وتجربة.
سيجدون أن نصيب الروح وتأثرها الملموس بالأفعال البدنية للصلاة من تطهر ووقوف وركوع وسجود وجلوس بين يدي الله لا يقل عن تأثر البدن.
وكذلك نصيب الجسد وتأثره بالخشوع والتفكر والمثول في حضرة الله تعالى لا يقل عن تأثر الروح ونصيبها.
اطمئن بأنه لا توجد للإنسان حاجة جسدية مشروعة إلا وهي تنعكس تأثيرا نافعا على روحه، ولا حاجة روحية مشروعة إلا وهي تنعكس تأثيرا فسيولوجيا على جسده وإن لم تصل إلى ذلك علوم فسلجة الإنسان. وما ذلك إلا لأن الامتزاج والتفاعل الحقيقي العميق بين الروح والجسد يجعل حاجاتهما واحدة وتأثرهما متبادلا.