علينا أن نستبعد نظرة الكبر العمياء.. الخضوع فينا ضرورة يمليها تكويننا واحتياجاتنا وظروفنا.
وليس منا أحد فوق الظروف والاحتياجات. إننا مخلوقون ولسنا آلهة.
وعلينا أن نختار بين الخضوع العزيز لمصدر وجودنا وحاجاتنا عز وجل أو الخضوع الذليل لمن عداه. كما يفعل الذين يرفضون الخضوع لله فيخضعون لأهوائهم ولبشر مثلهم ولشيطان يغويهم ويؤدون لهم أكثر من ركوع وسجود.
يسعى أحدهم وراء الحرية فيقع في عبودية مقيتة، يرفض الانحناء أمام الله صاحب كل شئ، ثم ينحني على أعتاب أي شئ، يرفض الخضوع المنفتح النافع الذي يهبه الحرية والاعتزاز فيقع في الخضوع الباطل الضار الذي يهبه عمى في الرؤية وانتكاسة في القلب.
أفهذا الشطط لا يحتاج إلى علاج.؟ إلى وقوف يعبر عن مسؤولية الطفل بين يدي المربي وإلى انحناء ووضع للجبين على التراب نذوق فيه روعة التذلل لله وحلاوة التحرر من مهانة الأشياء.
ما دمنا مخلوقين مملوكين محتاجين، وما دام علمنا بحاضرنا ومستقبلنا محدودا، وما دمنا لا نملك لأنفسنا من الله شيئا لا ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، ما دام أمرنا بكله من الله وبالله وإلى الله.. فلم لا نقف بين يديه وننحني إعظاما ونعفر الجبين إجلالا؟ لم لا نستعينه على ضعفنا ونشكره على قوانا ونعتز بعلاقتنا به وخضوعنا له..؟ وهل يحرمنا من ذلك إلا نظرة الكبرياء العمياء؟
ما أروع الإنتصار على الكبرياء، وما أعذب الخضوع أمام الإله الأحد سبحانه، و الانتظام بين يديه، والانحناء أمام عظمته، ثم يبلغ العبد ذروة القرب والخشوع في سجود مفعم غامر.
في الحديث الشريف: " أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد " الوسائل ج 4 ص 980.