وصفة " مالك يوم الدين تقرر الدينونة والمسؤولية على الكائنات أن تسير في طريق تكاملها الذي أراده لها الخالق تبارك وتعالى، وأن هذا السير سيعطي نتائجه لكل كائن في مرحلة قادمة من الوجود تسمى: يوم الدين، ويوم لقاء المخلوقات بالله عز وجل.
والأمر الثاني: الذي تتركز عليه السورة: حصر العبادة والاستعانة بالله عز وجل، أما العبادة فهي الإطاعة، وأما الاستعانة فهي استمداد الطاقة الخيرة في كل ما يحتاج إلى طاقة.
والأمر الثالث: المنهج والطريق العملي في الحياة. فتقرر السورة أن للبشرية طرق عيش ثلاثا لا رابعة لها: الطريق القويم، طريق الإيمان بالله ورسالته، وطريقان معوجان: أحدهما طريق المعاندين الذين غضب الله عليهم، وثانيهما طريق التائهين الضالين عن جادة الحق.
وها أنت ترى أن الحقائق التي تتضمنها هذه الأمور الثلاثة هي القواعد الأساسية للبناء الإسلامي جمعت في هذه اللوحة البديعة.
إن الأسلوب الذي تقدم به السورة هذه الحقائق الكبيرة ليس أسلوب العرض والتقرير المجرد، ولكنه أسلوب القرآن العملي الحيوي الذي يجعل القارئ يشارك بعقله ووجدانه في تملي هذه الحقائق والتعبير عنها بين يدي الله عز وجل. أن سورة الفاتحة تأخذ بيدك في رحلة حافلة دون أن تخطو بك قدما أن تنقلك في سيارة، بل تفتح عينيك على معاني الوجود في نفسك وما حولك.
وتبدأ معك باسم الله، ثم تعرض لك مشاهد العطاء كل العطاء في نفسك وفي الوجود، والحنان الغامر لنفسك وللوجود، وتقول لك: سجل الشكر والامتنان واستشعر الرحمة والحنان والمسؤولية للمستقبل. الحمد لله رب العالمين.
ثم تنساب بك في حديث مع الواهب المعطي المحاسب تبارك وتعالى فتعلمك كيف تسجل على نفسك الالتزام بطاعته وحده والتحرر من مهانة