والحديثة كشريعة حمورابي والشرائع الرومانية واليونانية والشرائع الفرنسية والإيطالية وغيرها، على أنها شرائع نابتة من الأرض فتراهم يسارعون في تعميم هذه النظرة إلى الإسلام ويحملون شريعته من رواسب البيئة وظروفها ما يحملونه للشرائع الوضعية. وينسون أن هذا الدين ينبع من فوق الظروف والمفاهيم المعاشة في جيل من الأجيال، وأنه تنزل تنزيلا حقيقيا من الله عز وجل.
إذا كانت نظرة هذا النوع من المسلمين ناتجة عن الغفلة عن مصدر الشريعة وخلودها، فإن عليهم أن ينتبهوا إلى هاتين الحقيقتين.
وإن كانت نظرة معتمدة فحالهم حال المستشرقين الذين يكفرون بالإسلام، فهم مدعوون أولا إلى براهين الإسلام على ألوهية الله عز وجل ونبوة رسوله محمد صلى الله عليه وآله. قبل أن يتخذ هذا الأخ موقفا من الصلاة عليه أن يحدد موقفه من مصدر الشريعة الإسلامية وخلودها.
فهل الأفعال البدنية في الصلاة هي رأي محمد بن عبد الله المكي النابع من ذاته وظروفه أو هي رأي الله الخاص بالمجتمع المكي والعربي آنذاك. أم هي رأي الله المطلع قديما وفعلا على رياضة البليارد والتنس والكرة وعلى جلسة عبده التركي على كرسي الشرفة.؟
والنقطة الثالثة: أن الصلاة التي اختارها هذا الأخ تعبر تعبيرا أمينا عن النظرة الغربية للروح والجسد:
فالروح والجسد في الغرب وجودان مختلفان أحدهما وفد من السماء والآخر نبت في الأرض ولكل منهما اتجاه ومطالب، وبينهما صراع نشب منذ زمن طويل وانتهى بسيطرة المواطن في أرضه وإقامة دولة رمزية لروح يرأسها البابا وتقدم لها دولة الأجساد شيئا من الاحترام في يوم الأحد.
تمشيا مع هذه النظرة وجد هذا المسلم أن الصلاة حاجة للروح، وما دامت الروح وجودا مستقلا عن الجسد فليس من الضروري إطلاقا أن يشارك في تلبية هذه الحاجة بل يكفي للروح أن تغترف حاجتها من الصلاة والجسد مستقر على كرسي أو مستلق على سرير.