أما الإسلام فهو يخطئ هذه النظرة جملة وتفصيلا:
الروح والجسد في رأي الإسلام وجودان بتجزئتنا العقلية فقط، أما في حقل الواقع الموضوعي حقل الحياة فهما وجود موحد يتبادل التفاعل والتعاون فيشكل كيانا واحدا اسمه الإنسان، تماما كالوردة ذات الخلايا والأوراق واللون والرائحة نجزؤها في أذهاننا إلى هذه الأشياء مع أنها في حقل الحياة وجود موحد متعاون ومتفاعل يشكل شيئا اسمه الوردة.
والروح والجسد في رأي الإسلام مصنوعان بيد الله القديرة من تربة هذه الأرض المقدسة فكلاهما مواطنان وكلاهما سماويان لا غازي فيهما ولا مغزو.
والصراع القائم في الإنسان ليس صراعا بين الروح والجسد، ولكنه صراع قائم في الروح، في النفس التي ألهمت في عمقها الفجور والتقوى ومزجت في جسد يتفاعل معها ويشاركها هذا الصراع ويخضع بدوره لنتائجه.
والدولتان القائمتان في الغرب للروح والجسد هما في نظر الإسلام لونان من انحراف الروح والجسد كليهما.
والدولة التي أقامها الإسلام على يد رسوله صلى الله عليه وآله والتي يريد إقامتها الآن هي دولة الإنسان الموحد المستقيم.
والصلاة التي أوجبها الإسلام هي صلاة لهذا الكل الذي يتشكل منه الإنسان يشارك في أدائها جسده فينعكس الأثر على روحه وتشارك في أدائها روحه فينعكس التأثير على جسده من دون تفاوت في ذلك ولا انفصام.
إن أول ما يتجلى في شكل الصلاة الإسلامية هو نظرية الإسلام هذه في وحدة الروح والجسد وحدة الإنسان.
وهي وحدة أصيلة يؤكد الإسلام عمقها في المنشأ من ذرة التراب المباركة التي دخلت حركتها التطورية المدهشة في مصنع الله عز وجل حتى صار قسم منها روحا وصار الآخر جسدا وصار المجموع بشرا (ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون) 20 الروم.