وقد ورد في أخبار كثيرة أن الله لم يعط نبيا فضيلة ولا كرامة ولا معجزة إلا وقد أعطاه النبي صلى الله عليه وآله، فكيف جاز أن يكون عيسى عليه السلام في المهد نبيا ولم يكن نبيا إلى أربعين سنة نبيا، ويؤيده ما مر في الأخبار ولادته وما ظهر منه في تلك الحال من إظهار النبوة وما مر وسيأتي من أحوالهم وكمالهم في عالم الأظلة وعند الميثاق وأنهم يعبدون الله تعالى ويسبحونه في حجب النور قبل خلق آدم عليه السلام، وأن الملائكة منهم تعلموا التسبيح والتقديس والتهليل إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في بدء أنوارهم.
ويؤيده ما ورد في أخبار ولادة أمير المؤمنين عليه السلام أنه قرأ الكتب السماوية على النبي (ص) بعد ولادته وما سيأتي من أن القائم عليه السلام في حجر أبيه أجاب عن المسائل الغامضة وأخبر عن الأمور الغائبة وكذا سائر الأئمة عليهم السلام كما سيأتي في أخبار ولادتهم ومعجزاتهم، فكيف يجوز عاقل أن يكون النبي صلى الله عليه وآله في ذلك أدون منهم جميعا.
(الخامس) أنه صلى الله عليه وآله بعد ما بلغ حد التكليف لا بد من أن يكون إما نبيا عاملا بشريعته أو تابعا لغيره، لما سيأتي من الأخبار المتواترة أن الله لا يخلي الزمان من حجة ولا يرفع التكليف عن أحد، وقد كان في زمانه أوصياء عيسى وأوصياء إبراهيم عليهما السلام، فلو لم يكن أو حي إليه بشريعة ولم يعلم أنه نبي كيف جاز له أن لا يتابع أوصياء عيسى ولم يعمل بشريعتهم إن كان عيسى مبعوثا إلى الكافة وإن لم يكن