وهنا نكتة أدبية ذكرها في المجمع ص 598: المتبادر أن (حيث) ظرف مكان لأنه المعروف في استعمالها، قال ابن هشام: ويرده أن المراد أنه تعالى يعلم المكان المستحق للرسالة لا أن علمه في المكان فهو مفعول به لا بمفعول فيه، وحينئذ لا ينتصب بأعلم إلا على قول بعضهم بشرط تأويله بعالم، والصواب انتصابه بيعلم محذوفا دل عليه أعلم.
(تنبيه آخر) لا يخفى أن المجتهد والمفتي لا بد له من العلم بمصداق الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والعام والخاص وغير ذلك بخصوصه حتى يميز كل واحد مما ذكر ويحكم على طبقه، والعلم بوجود الناسخ والمنسوخ والعام والخاص وغير ذلك ووقوعه في القرآن والسنة إجمالا لا يفيده شيئا، و وقوع ذلك بنحو الكلي والعلم به فيهما لا يجوز الفتوى مع هذا العلم الإجمالي وبيان أن الفتوى القاء الحكم الكلي من دون نظر إلى الأفراد لو كان صحيحا كان مورده غير ما نحن فيه، لأن تعيين المصداق هنا بيد المجتهد فقط ولاحظ لغير فيما نحن فيه.
(إيضاح نافع لرفع الاشتباه) المراد بحديث الجب رفع الحكم وعصيانه عما سلف من الكافر منة عليه مثل وجوب الخمس والزكاة ووجوب الصلاة ووجوب غسله ووضوئه مثلا، ولا معنى لوجوب الغسل والوضوء عليه بعد سقوط وجوب الصلاة بناءا على المقدمية فيهما وكذلك على القول بالوجوب النفسي فيه لا رفع نجاسة عرقه ولباسه بنجاسات غير الكفر ولا يجعله متطهر بحيث لا يحتاج إلى الوضوء والغسل، لأن حالة الحدث الأكبر والأصغر باقية فيجب الغسل بعد إسلامه لرفع الحدث وإيجاد شرط صحة الصلاة مثلا.