صادر عن المصدر الأعلى.
والنقل بالعقل ومن العقل بهذا المعنى الذي سبق ليس بصحيح في عقلنا، لأنه ناقص ولو كان كاملا لا نحتاج إلى بيان المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والقيد والمقيد والعام والخاص، بل لا نحتاج إلى القرآن والرسول بل بيان ذلك كله شأن الرسول.
والمخالف لما ذكر مخالف للإسلام والمذهب بالضرورة والبداهة فعلى هذا شأن عقلنا بعد تصديق الرسول وأولى إلا بقوله تعالى (وما ينطق عن الهوى) يتبع آثارهم وأخبارهم، ومع ذلك كله لا يأمن الخطأ من فهم كلامهم لأنه ناقص أيضا.
مثلا يحكم عقل المريض بوجوب الرجوع إلى من كان أهلا للطبابة بحيث لو لم يرجع إليه كان مهلكا لنفسه، وأما تشخيص المرض وتشخيص الدواء فليس بيد العقل بل هو بيد الطبيب، ومع ذلك كله يحتمل الخطأ والاشتباه من المريض والطبيب، ولكن مع هذا لا بد من أخذ الدواء كاملا واستعماله حسب دستوره، وغير هذا الطريق لا ينجي المريض من المرض و لا يفيده شئ. فعقلنا يحكم بالرجوع إلى الطبيب ولا يعرف هو المرض والدواء لكمال الطبيب ونقصان عقل المريض والألم يراجع إلى الطبيب إذا هو يشخص المرض ويعرف الدواء. فالنقل بالعقل بهذا المعنى صحيح وبغيره غير صحيح.
هذا بالنسبة إلى الطبيب الجسماني، ووجوب الرجوع إلى الطبيب الروحاني أشد وأوكد وأنفع من ذلك بمراتب بل لا نسبة بينهما لأن أحدهما ناقص فإن والآخر كامل باق. مثلا يحكم العقل بوجوب الرجوع إلى الحجة البالغة