وقد قال صاحب الكفاية بسقوط خطاب النهي عند المعصية وبقاء العقاب، وهو كما عرفت رأي لا يمكن المساعدة عليه، كما لا يمكن المساعدة على كلام صاحب مصباح الفقيه حيث قال في كتاب الطهارة منه (ص 13 فكما أن التكليف يرتفع بالعصيان كذلك يرتفع بالامتناع، لكن إذا كان الامتناع اختياريا للمكلف يكون المخالفة المسببة عنه مخالفة اختيارية فيعاقب عليها. وهل يستحق العقاب من ترك المقدمة أو في زمان حصول المعصية؟ أوجههما الثاني - الخ.
وفيه: أولا إن من قال بسقوط الخطاب عند المعصية لا يقول بسقوط العقاب، فالاستدراك والاستثناء في كلامه لا وجه له. وثانيا إن ثبوت العقاب على الكافر من جهة توجه الخطاب بأداء الزكاة مثلا إليه فتكليفه به ثابت وبمخالفته ولو بسوء الاختيار يعاقب، بناءا على قول المشهور الذي اختاره صاحب الجواهر وصاحب مصباح الفقيه ولا فرق بين المسلم والكافر ولا بين سوء الاختيار وعدم الإيمان في الكافر واختيار السوء والمعصية مع ثبوت الإيمان في المؤمن والمسلم، فلو سقط الخطاب ففي كليهما يسقط مع بقاء العقاب في ترك المنهي عنه، ولو بقي الخطاب ففي كليهما يثبت ولا فرق بينهما أصلا.
ويبقى سؤال الفرق بينهما مع فرض ثبوت العقاب، ومنشأه مخالفة التكليف الذي هو متوجه إليهما، وقد قلنا بعدم سقوطه لظواهر الأدلة بل صريحها كما بيناه. هذا مع أن الإيمان وغيره من شرائط الوجود لا من شرائط الوجوب، فيجب تحصيله على المسلم والكافر مع القدرة لإتيان الواجب