وفي هذا الحديث دلالة واضحة على عدم جواز تقليد المجتهدين في الأحكام بآرائهم كما هو الشائع الذائع إلى اليوم حتى بين أصحابنا فضلا عن العامة. وليت شعري كيف يجيبون عن ذلك إلا من أفتى بمحكمات القرآن والحديث فإن اتباع قوله حينئذ ليس بتقليد له بل تقليد لمن فرض الله طاعته وحكم بحكم الله عز وجل وغير ذلك فراجع.
ولا يخفى أن الأخذ من الإمام عليه السلام في زمان الحضور لا يسمى تقليدا، لأن المكلف يعلم حيث يأخذ من مخزون علمهم (ع) ولو بالواسطة وإنما يكون التقليد في زمان الحيرة والغيبة، فلا بد أن يأخذ ويسأل ممن يعرف الحديث على النهج الذي بيناه. والعامي لا يقدر على فهم الأخبار مع أنه مكلف كما يأتي بيانه.
في الكافي 1 / 57 عن محمد بن أبي عبد الله عن يونس بن عبد الرحمن قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام: بما أوحد الله؟ فقال: يا يونس لا تكونن مبتدعا، من نظر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيه ضل، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر.
وفي الحبار 47 / 50: من أفتى وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك.
ومن ذلك يعلم أن أصل الفتوى صحيح لو كان عن وجه صحيح.
والحاصل أن العامي ومن كان له نصيب من العلوم الدينية إما أن يكون مكلفا بالأحكام الثابتة من الحجج عليهم وإما أن لا يكون مكلفا، والثاني باطل حيث لم يهمل الله العباد ولم يخلقهم عبثا، فلا بد أن يبين