عليه السلام خرج إلى المسجد وهو يعلم أنه مقتول وقد عرف قاتله والوقت والزمان، وما بال الحسين بن علي عليه السلام سار إلى الكوفة وقد علم أنهم يخذلونه ولا ينصرونه وأنه مقتول في سفرته تيك، ولم لما حصروا وعرف أن الماء قد منع منه وأنه إن حفر أذرعا قريبة نبع الماء ولم يحفر وأعان على نفسه حتى تلف عطشا، والحسن وادع معاوية وهادنه وهو يعلم أنه ينكث ولا يفي ويقتل شيعة أبيه عليه السلام.
فأجاب الشيخ عنها بقوله: وأما الجواب عن قوله (إن الإمام يعلم ما يكون) فإجماعنا أن الأمر على خلاف ما قال وما أجمعت الشيعة على هذا القول، إنما الإجماع ثابت على أن الإمام يعلم الحكم في كل ما يكون دون أن يكون عالما بأعيان ما يحدث ويكون على التفصيل والتمييز. وهذا يسقط الأصل الذي بنى عليه الأسؤلة بأجمعها، ولسنا نمنع أن يعلم الإمام أعيان ما يحدث ويكون بإعلام الله تعالى له ذلك.
فأما القول بأنه يعلم كل ما يكون فلسنا نطلقه ولا نصوب قائله لدعواه فيه من غير حجة ولا بيان، والقول بأن أمير المؤمنين عليه السلام كان يعلم قاتله والوقت الذي كان يقتل فيه فقد جاء الخبر متظافرا أنه كان يعلم في الجملة أنه مقتول وجاء أيضا أنه يعلم قاتله على التفصيل فأما علمه بوقت قتله فلم يأت أثر على التحصيل. ولو جاء أثر لم يلزم فيه ما يظنه المعترضون إذ كان لا يمتنع أن يتعبد الله تعالى بالصبر على الشهادة والاستسلام للقتل ليبلغه بذلك علو الدرجات ما لا يبلغه إلا به، ولعلمه بأنه يطيعه طاعة لو كلفها سواه لم يردها، ولا يكون بذلك أمير المؤمنين عليه السلام ملقيا