وابن وروح القدس، وقد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول: فعلنا وجعلنا وخلقنا، ولو كان واحدا لقال: خلقت وجعلت وفعلت. فتغشى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الوحي، فنزل عليه صدر سورة آل عمران - إلى قوله - رأس الستين منها: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم...} الآية، فقص عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن، فقال بعضهم لبعض: قد والله أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم.
فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله عز وجل قد أمرني بمباهلتكم. فقالوا: إذا كان غدا باهلناكم. فقال بعضهم: حتى ننظر بما يباهلنا، بكثرة أتباعه من أوباش الناس، أم بالقلة من أهل الصفوة والطهارة، فإنهم وشيج الأنبياء وموضع بهلهم.
فلما كان من الغد، غدا النبي بيمينه علي، وبيساره الحسن والحسين ومن وراءهم فاطمة (عليهم السلام)، عليهم الثمار النجرانية، وعلى كتف رسول الله كساء قرقف رقيق خشن، ليس بكثيف ولا لين، فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما ونشر الكساء عليهما، وأدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه النبع، ورفع يده إلى السماء للمباهلة، وأشرف الناس ينظرون، واصفر لون السيد والعاقب وكرا حتى كاد أن تطيش عقولهما، فقال أحدهما لصاحبه: أتباهله؟ قال:
وما علمت أنه ما باهل قوم نبيا فنشى صغيرهم أو بقي كبيرهم، ولكن أره أنك غير مكترث واعطه من المال والسلاح ما أراد، فإن الرجل محارب، وقل له: بهؤلاء تباهلنا لئلا يرى أنه قد تقدمت معرفتنا بفضله وفضل أهل بيته.
فلما رفع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يده إلى السماء للمباهلة، قال أحدهما لصاحبه: وأي رهبانية دارك الرجل، فإنه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال. فقالا: يا أبا القاسم، أبهؤلاء تباهلنا؟ قال: نعم، هؤلاء أوجه من على وجه الأرض بعدي إلى الله عز وجل وجيهة وأقربهم إليهم وسيلة. قال: فبصبصا يعني ارتعدا وكرا وقالا له: