الأسرار الفاطمية - الشيخ محمد فاضل المسعودي - الصفحة ٤٨٦
ظلامتي (1)؟ أما كان (صلى الله عليه وآله وسلم) أبي يقول: " المرء يحفظ في ولده "؟ سرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا إهالة (2)، ولكم طاقة بما أحاول، وقوة على ما أطلب وأزاول! أتقولون مات محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! فخطب جليل استوسع وهيه (3)، واستنهر فتقه، وانفتق رتقه (4)، وأظلمت الأرض لغيبته، وكسفت النجوم لمصيبته (5)، وأكدت الآمال (6)، وخشعت
(١) السنة بالكسر: مصدر وسن يوسن - كعلم يعلم - وسنا وسنة، والسنة: أول النوم أو النوم الخفيف، والهاء عوض عن الواو. والظلامة بالضم كالمظلمة بالكسر: ما أخذه الظالم منك فتطلبه عنده. والغرض تهييج الأنصار لنصرتها، أو توبيخهم على عدمها. وفي الكشف بعد ذلك،: " أما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يحفظ ".
(٢) سرعان مثلثة السين: وعجلان بفتح العين كلاهما من أسماء الأفعال بمعنى سرع وعجل، وفيهما معنى التعجب، أي ما أسرع وأعجل. وفي رواية ابن أبي طاهر: " سرعان ما أجديتم فأكديتم " يقال: أجدب القوم أي أصابهم الجدب. وأكدى الرجل: إذا قل خيره، والإهالة بكسر الهمزة:
الودك وهو دسم اللحم. وقال الفيروزآبادي: " قولهم: سرعان إذا أهالة، أصله أن رجلا كانت له نعجة عجفاء وكانت رغامها يسيل من منخريها لهزالها، فقيل له: ما هذا الذي يسيل؟ فقال السائل:
سرعان ذا أهالة. ونصب " أهالة " على الحال: وذا إشارة إلى الرغام أو تميز على تقدير نقل الفعل كقولهم: تصبب زيد عرقا، والتقدير: سرعان أهالة هذه، وهو مثل يضرب لمن يخبر بكينونة الشئ قبل وقته " انتهى. والرغام بالضم: ما يسيل من أنف الشاة والخيل، ولعل المثل كان بلفظ عجلان، فاشتبه على الفيروزآبادي أو غيره، أو كان كل منهما مستعملا في هذا المثل. وغرضها صلوات الله عليها التعجب من تعجيل الأنصار ومبادرتهم إلى إحداث البدع، وترك السنن والأحكام، والتخاذل عن نصرة سيد الأنام، مع قرب عهدهم به، وعدم نسيانهم ما أوصاهم به فيهم، وقدرتهم على نصرتها وأخذ حقها ممن ظلمها ولا يبعد أن يكون المثل إخبارا مجملا بما يترتب على هذه البدعة من المفاسد الدنيوية وذهاب الآثار النبوية.
(3) الخطب، بالفتح: الشأن والأمر عظم أو صغر. والوهي كالرمي: الشق والخرق، يقال: وهي الثوب: إذا بلي وتخرق واستوسع.
(4) استنهر: استفعل من النهر - بالتحريك - بمعنى السعة، أي اتسع، والفتق: الشق، والرتق ضده. انفتق أي انشق. والضماير المجرورات الثلاثة راجعة إلى الخطب بخلاف المجرورين بعدهما فإنهما راجعان إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
(5) كسف النجوم: ذهاب نورها، والفعل منه يكون متعديا ولازما، والفعل كضرب. وفي رواية ابن أبي طاهر مكان الفقرة الأخيرة: " واكتأبت خيرة الله المصيبة " والاكتئاب: افتعال من الكآبة بمعنى الحزن. وفي الكشف: " واستنهر فتقه، وفقد راتقه، وأظلمت الأرض، واكتأبت لخيرة الله - إلى قولها - وأديلت الحرمة - " من الإدالة بمعنى الغلبة.
(6) يقال: أكدى فلان أي بخل أو قل خيره.