حب فاطمة (عليها السلام) للحسين (عليه السلام) روي أنه دخل الحسن والحسين (عليهما السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فشم الحسن في فمه الشريف وشم الحسين في نحره فقام الحسين وأقبل إلى أمه فقال لها: أماه شمي فمي هل تجدين فيه رائحة يكرهها جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فشمته في فمه فإذا هو أطيب من المسك ثم جاءت به إلى أبيها فقالت له: أبه لم كسرت قلب ولدي الحسين فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) مم؟ قالت: تشم أخاه في فمه وتشمه في نحره فلما سمع بكى وقال: بنيه أما ولدي الحسن فإني شممته في فمه لأنه يسقى السم فيموت مسموما وأما الحسين (عليه السلام) فإني شممته في نحره لأنه يذبح من الوريد إلى الوريد فلما سمعت فاطمة بكت بكاء شديدا وقالت: أبه متى يكون ذلك؟ فقال: بنية في زمان خال مني ومنك ومن أبيه وأخيه فاشتد بكاؤها ثم قالت: أبه فمن يبكي عليه ومن يلتزم بإقامة العزاء عليه؟ فقال لها: بنية فاطمة إن نساء أمتي يبكين على نساء أهل بيتي ورجالهم يبكون على ولدي الحسين وأهل بيته ويجددون عليه العزاء جيلا بعد جيل فإذا كان يوم القيامة أنت تشفعين للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من يبكي على ولدي الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة.
الحسين (عليه السلام) وحجر فاطمة (عليها السلام) وعنت سيدة النساء (عليها السلام) بتربية وليدها الحسين فغمرته بالحنان والعطف لتكون له بذلك شخصيته الاستقلالية والشعور بذاتياته كما غذته بالآداب الإسلامية، وعودته على الاستقامة والإتجاه المطلق نحو الخير والصلاح، كيف لا، وهي ربيبة الوحي وسليلة التقوى فهي أم أبيها، وزوجة أمير المؤمنين، كيف لا ونحن نعلم أن الأم الطاهرة هي المدرسة الأولى للطفل فيها ينشأ وإليها يغدوا وعليها يربوا، وكما قيل:
الأم مدرسة إذا أعددتها * أعددت شعبا طيب الأعراق الأم روض أن تعهده الحيا * بالري أورق أيما إيراق الأم أستاذ الأساتذة الألى * شغلت مآثرهم مدى الآفاق