اليومية عليه أن يشعر أنه من أحبة الزهراء أو من أنصارها الذين يحملون مبادئها، وأفكارها وأهدافها إلى شعوب الأرض وإلى الناس أجمعين، ولم لا؟ ألم تكن فاطمة رحمة للعالمين، كما كان أبوها النبي رحمة للعالمين؟.. وإذا كانت كذلك، فإن رسالتها هي رسائل لكل شعوب الأرض، وعلى شيعتها أن يرفعوا صوتها إلى العالم أجمع فإنه أحب وأقرب صوت إلى القلوب.
الزهراء تعلمت التسبيح من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي تسبيح الزهراء، نجد أن الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام) قد حاولت هذا الشعار إلى سلوك يومي، وذلك عندما علمها أبوها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا التسبيح، ذهبت إلى قبر الحمزة بن عبد المطلب.. وأخذت تصنع من تراب قبره حبات لمسبحتها لتدير بها هذا التسبيح. ومعنى ذلك أنها أعطت الشعار محتوى ومضمونا، ومعنى، أي أنها جعلته شعارا حيا، وليس مجرد كلمات تتحرك بها الشفاه واللسان، دون إدراك ولا استيعاب. أن التسبيح هو تنزيه الله عن العبث، أنه تسبيح يؤكد الحكمة التي أقامها الله عز وجل عليها الكون والحياة والإنسان.. والشهادة هي قمة هذه الحكمة.. أي أن الشهيد قد بلغ حدا من الحكمة والكمال ليس بعده حد.. وهذه هي الفلسفة، والرشد، الذي تريده الزهراء، أنه امتزاج بين التسبيح وبين دماء الشهداء. أن الصلاة من دون دم الشهيد لا تساوي شيئا. أو قل: لولا الشهداء لما قام لهذا الدين عمود، وحمزة هو سيد الشهداء، طبعا قبل واقعة الطف، وقبل مجئ يوم عاشوراء، فلما جاء يوم عاشوراء، يوم الحسين، أصبح الحسين (عليه السلام) هو سيد الشهداء، كما أنه سيد شباب أهل الجنة، وسيد الأحرار في العالم. أنه احتكاك فكري، وحضاري بين التسبيح وبين دماء الشهداء، وهذا هو الفارق الذي تنفرد به الحضارة الإسلامية عن غيرها من حضارات خاوية فارغة. ونحن حينما نصلي على تربة الحسين، فإننا نقيم هذا المعنى في القلوب، وهو: أن الصلاة لا تقوم إلا بالشهادة، ولذلك نخاطب الحسين في الزيارة:
أشهد أنك قد أقمت الصلاة " أي أشهد أنك بشهادتك قد أقمت الصلاة، وحفظتها من