على أنه لم يوجد قائلا بالفرق بين التسبيح عند النوم وبعد الصلاة بل يظهر من خلال تتبع أقوال الفريقين القائلين بتقديم التحميد على التسبيح مطلقا سواء وقع بعد الصلاة كتعقيب أو قبل النوم وهذا هو الصحيح، وأما من ذهب بالتفصيل فقوله إحداث لقول آخر في مقابل الإجماع الذي عليه الشيعة وهو مخالف كما ترى.
التسبيح من شعائر الدين (1) فالتسبيح شعار، أو قل: شعيرة من شعائر الدين ومحتواه الفداء والتضحية والفداء لا يكون إلا إذا سبقته تربية، وهو بعد ذلك كله يحتاج إلى رمز يدل عليه، وهنا نستطيع بقليل من التركيز والانتباه أن نلمس هذين الشرطين في تسبيح الزهراء...
الشرط الأول، هو الشرط التربوي.. ونلمسه في تركيبة هذا التسبيح الذي علمه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لابنته فاطمة الزهراء والتسبيح يتكون من أربع وثلاثين مرة الله أكبر.. وثلاث وثلاثين مرة الحمد لله، وثلاث وثلاثين مرة سبحان الله ... وفي نظرة واعية نلقيها على هذا الترتيب المتقدم نجد أن التسبيح يبدأ باسم الله وينتهي باسم الله، فهو لم يبدأ بالحمد لله، ولا بدأ بسبحان الله، وإنما بدأ بالله أكبر. وختم بسبحان الله حتى تكون أول كلمة في التسبيح هي كلمة الله، وآخر كلمة في التسبيح هي كلمة الله. (الله أكبر.. سبحان الله.. الحمد لله). انظروا إلى الكلمتين اللتين أحاطتا بالتسبيح كما يحيط الهلال بحفة النجوم في صدره. هذا هو الشرط الأول، الشرط التربوي.. حيث ظهرت فيه الإشارة واضحة إلى المبدأ والمعاد.. فنحن من الله وسنرجع إليه... إنا لله، وإنا إليه راجعون. وهذا معناه أن القراءة والدعاء، والتسبيح وكل حركة في الحياة يجب أن تكون باسم الله... كما كانت أول كلمة في القرآن: * (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم) * (2).