مصدر حقيقي وهو ظالم وظلوم والظلمة هم المانعون أهل الحقوق حقوقهم، والظلامة ما تظلمه وهي المظلمة. وتظالم القوم: ظلم بعضهم بعضا وفي المفردات للراغب الأصفهاني (1): والظلم عند أهل اللغة وكثيرون أهل العلم: وضع الشئ في غير موضعه المختص به إما بنقصان أو بزيادة وإما بعدول عن وقته أو مكانه.
وقال الفيروزآبادي (2) والظلم يقال في مجاوزة الحق ويقال في الكثير والقليل.
أما عرفا: فالظلم معناه بخس الناس أشياءهم وحقوقهم والاعتداء على الغير بأي صورة كانت سواء قولا أو عملا.
وأما شرعا: الظلم وضع الشئ في غير موضعه الشرعي (3) والظلم أصله الجور ومجاوزة الحد ومعناه الشرعي وضع الشئ في غير موضعه الشرعي (4) وهكذا يتبين لمن يقصد السؤال في معرفة الظلم ويدقق في مقولات علماء اللغة وغيرهم من أهل الشرع واللغة وأهل المعرفة في هذا المقام، ولنعم ما قال الحكيم أرسطو في هذا المقام حيث أطلق هذه الكلمات ليعبر عن طبيعة الفطرة الإنسانية في هذه المسألة (الظلم من طبع النفوس، وإنما يصدها عن ذلك إحدى علتين: إما علة دينية لخوف معاد أو علة سياسية لخوف سيف) . فيكون مقال القائل أن النفوس لا تظهر هذا الظلم للعلتين المتقدمتين، ولكن نقول إذا فقدتا هاتين العلتين فماذا سيكون الحال، قطعا عند ذلك يسقط الواعز النفسي للإنسان فيكون من أعتى الظالمين.
إذن بعد هذه المقدمة التي ارتأينا أن نقدمها لكي يتضح الحال والمقام في الظلم وقبحه وحرمته ندخل في هذا الفصل لكي نعيش القصة والحديث التأريخي الذي لا يزال يأكل بنفوس المسلمين وإلى وقتنا الحاضر ألا وهو حدث ظلامات فاطمة الزهراء بضعة النبي الهادي المختار تلك التي لم يترك في المسلمين آنذاك من أهله ومن ذريته إلا هذه الميمونة الطاهرة ذو النسل المبارك أم الحسنين عليهما السلام.