ولا يخفى، أن ذلك يتضمن إنكار الآية وإجماع المسلمين، إذ القائل:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصرف شيئا من غلة فدك وغيرها من الصفايا في بعض مصالح المسلمين، لم يقل بأنها لم تكن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل قال: بأنه فعل ذلك على وجه التفضل وابتغاء مرضاة الله تعالى، وظاهر الحال أنه أنكر ذلك دفعا لصحة النحلة، فكيف كان يسمع الشهود على النحلة مع ادعائه أنها كانت من أموال المسلمين.
واعتذر المخالفون من قبل أبي بكر بوجوه سخيفة:
الأول: منع عصمتها صلوات الله عليها، وقد تقدمت الدلائل المثبتة لها.
الثاني: أنه لو سلم عصمتها، فليس للحاكم أن يحكم بمجرد دعواها، وإن تيقن صدقها، وأجاب أصحابنا بالأدلة الدالة على أن الحاكم يحكم بعلمه، وأيضا اتفقت الخاصة والعامة على رواية قصة خزيمة بن ثابت وتسميته بذي الشهادتين لما شهد للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدعواه، ولو كان المعصوم كغيره لما جاز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبول شاهد واحد والحكم لنفسه، بل كان يجب عليه الترافع إلى غيره. وقد روى أصحابنا:
أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطأ شريحا في طلب البينة، وقال: إن إمام المسلمين يؤتمن من أمور على ما هو أعظم من ذلك، وأخذ ما ادعاه من درع طلحة بغير حكم شريح، والمخالفون حرفوا هذا الخبر وجعلوه حجة لهم، واعتذروا بوجوه أخرى سخيفة لا يخفى على عاقل بعد ما أوردنا في تلك الفصول ضعفها ووهنها، فلا نطيل الكلام بذكرها.
بطلان دعوى عدم توريث الأنبياء (عليهم السلام) استدل أصحابنا على بطلان ذلك بآي من القرآن الكريم منها: قوله تعالى مخبرا عن زكريا (عليه السلام): * (وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) * قوله تعالى: " وليا " أي:
ولدا يكون أولى بميراثي، وليس المراد بالولي من يقوم مقامه ولدا كان أو غيره، لقوله