لا معنى أن يغضب الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لأنه أباها الشخصي فقط لأنه في مثل هذه الحالة سوف تكون العصبية لها باعتبار القرابة وإنما يؤكد الرسول من خلال هذه الأحاديث على حقيقة مهمة جدا وهي مسألة عصمة فاطمة عليها السلام لأنها لو كانت ممن تقارف الذنوب لم يكن مؤذيها مؤذيا له صلى الله عليه وآل وسلم على كل حال لذا ثبتت لها العصمة من خلال أقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حقها عليه السلام . ويظهر أيضا من خلال الحديث المروي في حق فاطمة عليها السلام عن أبي جعفر عليه السلام يقول: ولقد كانت عليها السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والإنس، والطير والوحوش والأنبياء حتى أقر بفضل فاطمة عليها السلام وحجيتها حيث نستفيد من هذين الحديثين أن فاطمة عليها السلام كانت مرتبطة بنبوة الأنبياء السابقين قبل نبينا محمد صل الله عليه وآله وسلم، فهي - أي النبوة - لم تكتمل في أي نبي من الأنبياء حتى أقر بفضل فاطمة وحجيتها، وهذا يدل أنها كانت مفروضة الطاعة على جميع الأنبياء وكما تبين لنا من خلال البحوث المتقدمة في هذا الأمر.
فاطمة عليها السلام والعدل الإلهي يعتبر العدل من الأصول الاعتقادية التي يمتاز بها الشيعة الإمامية عن غيرهم من المذاهب الأخرى، فمسألة العدل عندهم قد دخلت كل الأصعدة الحياتية المهمة وهذا يعود إلى وجود العدل في كل أفعال الله تعالى فهو - أي الله تعالى - قد جعله من أسماءه الحسنى فعندما يأخذ الشيعة الإمامية العدل ويعتبرونه من أصول الدين لم يكن هذا جزافا وإنما كان على أساس وأصل متين استمدوه من القرآن الكريم هذا الكتاب العظيم الذي بذر فكرة العدل في قلوب وأرواح الناس ثم سقاها ونماها فكريا وفلسفيا وعمليا واجتماعيا أنه القرآن الكريم الذي طرح مسألة العدل من حيث مظاهرها المختلفة العدل التكويني، والعدل التشريعي، والعدل الأخلاقي، والعدل الاجتماعي... الخ.