خطأ الخليفة الأول ولنبين خطأ أبي بكر في تلك القضية مع وضوحها بوجوه:
أما أن فدكا كانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فمما لا نزاع فيه، وقد أوردنا من رواياتنا وأخبارنا للمخالفين ما فيه كفاية ونزيده وضوحا بما رواه في جامع الأصول: مما أخرجه من صحيح " أبي داود "، عن عمر، قال:
إن أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة قرى عرينة وفدك وكذا وكذا ينفق على أهله منها نفقة سنتهم، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله وتلا: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول) * الآية.
وروي أيضا: عن مالك بن أوس قال: كان فيما احتج به عمر أن قال: كانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث صفايا: بنو النضير، وخيبر، وفدك، إلى آخر الخبر.
وروى ابن أبي الحديد: قال أبو بكر: حدثني أبو زيد عمر بن شبه، قال: حدثنا حيان ابن بشير، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: أخبرنا ابن أبي زائدة (1)، عن محمد ابن إسحاق، عن الزهري، قال: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يحقن دماءهم ويسيرهم، ففعل، فسمع ذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك، وكانت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب " قال ": قال أبو بكر: وروى محمد بن إسحاق أيضا: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما فرغ من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك، فبعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فصالحوه على النصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطريق، أو بعد ما قدم المدينة (2)، فقبل ذلك منهم وكانت فدك لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خالصة له، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.
قال: وقد روي أنه صالحهم عليها كلها، الله أعلم أي الأمرين كان. انتهى.
وسيأتي اعتراف عمر بذلك في تنازع علي (عليه السلام) والعباس، وأما أنه وهبها لفاطمة (عليها السلام)