وأيضا عن الصادق (عليه السلام) قال: " من سبح تسبيح فاطمة (عليها السلام) قبل أن يثني رجله بعد انصرافه من صلاة الغداة غفر له ويبدأ بالتكبير " ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) لحمزة بن حمران: " حسبك بها يا حمزة " (1).
تشريع التسبيح من منا لا يعرف كفاح فاطمة (عليها السلام) وكيف كانت حياتها تجري في بيت زوجها علي أمير المؤمنين - عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام - فالتاريخ يحدثنا أنها كانت قليلة الهجوع في لليل، وكانت تستغفر الله في الأسحار، فتقف في محرابها للصلاة حتى تورمت قدماها من كثرة العبادة والدعاء... وكانت تذوب رقة وخشوعا في صلاتها وعند دعائها، ولدى قراءتها القرآن الكريم... فإذا مرت بآية فيها وعد أو وعيد رددتها في بكاء وحزن ودموع...
هذا كان بعض شأنها في الليل... أما في النهار، فقد كانت فاطمة تطحن بالرحى حتى أثرت الرحى بيدها، واستقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى طبع الدخان أثره على ملابسها وترك لونه على ثيابها وقت العمل بالطبع (2) وبلغ بها الحال أن دخل عليها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات صباح، وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من وبر الإبل، وطفلها يبكي إلى جانبها، فبكى النبي، وقال " تجرعي يا فاطمة مرارة الدنيا لحلاوة الآخرة " (3).
وذات مرة، وقفت فاطمة الزهراء (عليها السلام) بين يدي أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنظر إليها، وقد بدت آثار التعب على وجهها، من شدة الجوع والكفاح، فوضع يده الكريمة على صدرها، ورمق السماء بطرفه، وراح يدعو لها، والدموع تترقرق في عينيه، وهو يقول:
" يا فاطمة تجرعي مرارة الدنيا، لحلاوة الآخرة ". وقد تكرر هذا الموقف من رسول الله