فهي متروكة للجانب التطبيقي في حياته، إذن السيرة الذاتية الصديقة الطاهرة تمثل جانب تطبيقي من حياتها الشخصية على كافة المستويات، ولا نريد الوقوف مع السيرة الذاتية لفاطمة (عليها السلام) في هذا الكتاب بصورة تفصيلية حيث قد أعطينا بعض النماذج للسيرة الذاتية لها في نفس هذا الكتاب وكانت هذه النماذج، على شكل أمور متناثرة في طيات البحوث فلا نقف تفصيليا معها هنا.
* الأمر الثاني:
يمكن أن نعرف شخصيتها من خلال مواقفها لأن الموقف عمل والعمل ما هو إلا انعكاس لطبيعة شخصية الفرد وهذا ما أثبته التاريخ الإسلامي لفاطمة (عليها السلام) حيث أخبرنا بمواقفها الفذة في جميع الحالات التي مرت بها. فعندما كانت قريش تؤذي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتتعرض له بأنواع المواجهة كانت الزهراء (عليها السلام) تقف إلى جانبه صابرة محتسبة، فيدخل إلى البيت وقد حثى الكافرون التراب على رأسه الشريف، فتستقبله الزهراء (عليها السلام) وتغسل التراب عن رأسه وهي باكية، فيقول لها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
لا تبكي فإن الله ناصر أباك. وعندما رمى أبو لهب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بروث البقر اندفعت فاطمة (عليها السلام) لتذب عن أبيها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتسمع أبا لهب من الكلام ما يتوقف خلاله من الاندفاع بالسخرية برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). كما أنها (عليها السلام) التحقت بأبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد هجرته إلى المدينة مجازفة بحياتها ومضحية بروحها في سبيل نصر الإسلام وإعزاز مبادئه المثلى، ولا يمكن أن يغفل دورها في الوقوف إلى جانب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أيام دعوته المباركة، تؤنسه وتزيح عنه الهموم والآلام، وتعيد البسمة إلى وجهه المبارك إذا اشتدت عليه الخطوب.
أضف إلى مواقفها الرسالية أيام الحروب وهي صغيرة السن بعد، ففي معركة أحد تكسر رباعية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويشج جبينه، فتقبل الزهراء (عليها السلام) لتغسل وجهه، وتزيل الدماء عن محياه، وتعالج نزيف جراحاته، فقد جاء في صحيح مسلم: " قال سهل بن سعد: جرح وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة عن رأسه، فكانت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تغسل الدم، وكان علي بن أبي طالب