النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - لما حضرته الوفاة - بكافور من الجنة فقسمه أثلاثا، ثلثا لنفسه، وثلثا لعلي، وثلثا لي، وكان أربعين درهما، فقالت يا أسماء آتيني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا وضعيه عند رأسي، فوضعته ثم قالت يا أسماء أتيني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا وضعيه عند رأسي، فوضعته ثم قالت لأسماء حين توضأت وضوءها للصلاة، هاتي طيبي الذي أتطيب به، وهاتي ثيابي التي أصلي فيها، فتوضأت ثم تسجت بثوبها، ثم قالت: انتظريني هنيئة وادعيني، فإن أجبتك وإلا فاعلمي أني قدمت على أبي فأرسلني إلى علي. فانتظرت هنيئة ثم نادتها، فم تجبها، فكشف الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا، فوقعت عليها تقبلها، فبينا هي كذلك إذ دخل الحسن والحسين فقالا لها: يا أسماء ما ينيم أمنا في هذه الساعة، قالت: يا ابني رسول الله.
ليست أمكما نائمة، قد فارقت الدنيا، فوقع عليها الحسن يقبلها مرة ويقول: يا أماه كلميني قبل أن تفارق روحي بدني، وأقبل الحسين يقبل رجلها ويقول: أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن يتصدع قلبي فأموت. قالت لهما أسماء: يا ابني رسول الله، انطلقا إلى أبيكما علي فأخبراه بموت أمكما، فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء فقالا: قد ماتت أمنا فاطمة (عليها السلام) فوقع علي (عليه السلام) على وجهه يقول: بمن العزاء يا بنت محمد، كنت بك أتعزى فبمن العزاء من بعدك؟ (1).
التشييع والدفن ارتفعت أصوات البكاء من بيت علي (عليه السلام) فصاح أهل المدينة صيحة واحدة، واجتمعت نساء بني هاشم في دارها، فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة تتزعزع لها، وأقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي (عليه السلام)، وهو جالس، والحسن والحسين بين يديه يبكيان، وخرجت أم كلثوم، وهي تقول: يا أبتاه يا رسول الله، الآن فقدناك حقا لا لقاء بعده أبدا. واجتمع الناس فجلسوا وهم يضجون، وينتظرون خروج الجنازة