وأيضا إنه (عليه السلام) - إذا وعكه الحمى (وقبل وجعها آلمها) استعان بالماء البارد، ثم ينادي حتى يسمع صوته على باب الدار: فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
قال العلامة المجلسي (رحمه الله): لعل النداء كان استشفاعا بها صلوات الله عليها للشفاء.
قال المحدث القمي: إني أحتمل قويا كما أنه أثر الحمى في جسده اللطيف كذلك أثر كتمان حزنه على أمه المظلومة في قلبه الشريف، فكما أنه يطفي حرارة جسده بالماء، يطفي لوعة وجده بذكر اسم فاطمة سيدة النساء، وذلك مثل ما يظهر من الحزين المهموم من تنفس الصعداء، فإن تأثير مصيبتها صلوات الله عليها على قلوب أولادها الأئمة الأطهار آلم من حز الشفار، وأحر من جمرة النار (1).
2 - الصديقة وهو ثاني الأسماء المباركة لفاطمة الزهراء الذي هو معروف على لسان أهل البيت:، وقد سماها به الله تبارك وتعالى إجلالا وإكراما لمقامها السامي ولما وصلت إليه من التصديق بكل ما آتاه الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم). والصديقة صيغة مبالغة في الصدق والتصديق أي أنها سلام الله عليها كثيرة الصدق، ولقد ورد في كتاب تاج العروس معنى التصديق والصدق حيث قيل إن الصديق أبلغ من الصدوق، وقيل: إنه الكامل في الصدق الذي يصدق قوله بالعمل، البار، الدائم التصديق، وقيل: إنه من لم يكذب قط، وقيل: من صدق بقوله واعتقاده، وحقق صدقه بفعله، وأيا كان منها معنى الصديق فإن فاطمة الزهراء سلام الله عليها تنطبق عليها جميع الأقوال فهي سلام الله عليها كانت المداومة على التصديق بما يوجبه الحق جل وعلا حيث كانت المصدقة بكل ما أمر الله به وبأنبيائه ولا يدخلها في أي شئ من ذلك أي شك كان وكانت المصداق الأفضل - مع أوليائه المعصومين - لقوله تعالى: * (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) * (2). وقوله تعالى: * (وما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله