ويحهم أنى زحزحوها عن أبي الحسن، ما نقموا والله منه إلا نكير سيفه ونكال وقعه، وتنمره في ذات الله، وتا الله لو تكافوا عليه عن زمام نبذه إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأتميله، ثم لسار بهم سيرة سجحا فإنه قواعد الرسالة ورواسي النبوة، ومهبط الروح الأمين، والطبيب بأمر الدين والدنيا والآخرة إلا ذلك هو الخسران المبين. والله لا يلتكم خشاشة، ولا يتعتع راكبه، ولأوردهم منهلا رويا فضفاضا تطفح ضفته، ولأصدرهم بطانا قد خثر بهم الري، غير متحل بطائل إلا تغمر الناهل وردع سورة سغب، ولو فتحت عليهم بركات من السماء والأرض وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون، فهلم فاسمع، فما عشت أراك الدهر عجبا، وإن تعجب بعد الحادث، فما بالهم بأي سند استندوا، أم بأي عروة تمسكوا، لبئس العشير، وبئس للظالمين بدلا، استبدلوا الذنابى بالقوادم، والحرون بالقاحم، والعجز بالكاهل، فتعسا لقوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدي لكم كيف تحكمون. لقحت قنطرة فنظرة ريثما تنتج، ثم احتبلوا طلاع القعب دما عبيطا، وذعافا ممضا، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون غب ما أسس الأولون، ثم طيبوا بعد ذلك بأنفسكم لفتنها، ثم اطمأنوا للفتنة جأشا وأبشروا بسيف صارم، وهرج دائم شامل، واستبداد من الظالمين. يدع فيئكم زهيدا، وجمعكم حصيدا، فيا حسرة لهم، ولقد عميت عليهم الأنباء أنلزمكموها وأنتم لها كارهون (1).
الهموم المتراكمة ليس المرض لوحده سبب آلام الزهراء، (عليها السلام) ووجدها وحزنها، وإنما كانت الهموم تجتاحها من كل حدب وصوب، فحينما كانت تمد جسدها النحيل المكدور على جلد الكبش وتتكئ على وسادة الليف، تنساب الخواطر إلى رأسها الشريف، وتهجم عليها الهواجس، وكأن لسان حالها الشريف: آه.. تركوا وصية أبي... وغصبوا الخلافة