الوقت؟ قلت: لا والله يا أمير المؤمنين. قال: إني رأيت الساعة في منامي كأن حبشيا قد أتاني ومعه حربة فقال: إن خليت عن موسى بن جعفر الساعة وإلا نحرتك في هذه الساعة بهذه الحربة، فاذهب فخل عنه. قال: فقلت: يا أمير المؤمنين أطلق موسى بن جعفر، ثلاثا. قال: نعم. امض الساعة حتى تطلق موسى بن جعفر وأعطه ثلاثين ألف درهم وقل له: إن أحببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب، وإن أحببت المضي إلى المدينة فالإذن في ذلك لك. قال: فمضيت إلى الحبس لأخرجه، فلما رآني موسى وثب إلي قائما وظن أني قد أمرت فيه بمكروه، فقلت: لا تخف فقد أمرني بإطلاقك وأن أدفع لك ثلاثين ألف درهم، وهو يقول لك: إن أحببت المقام قبلنا فلك ذلك ولك كل ما تب، وإن أحببت الانصراف إلى المدينة فالأمر في ذلك مطلق لك.
وأعطيته ثلاثين ألف درهم وخليت سبيله وقلت له: لقد رأيت من أمرك عجبا. قال:
فإني أخبرك بينما أنا نائم، إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا موسى حبست مظلوما فقل هذه الكلمات فإنك لا تبيت هذه الليلة في الحبس. فقلت: بأبي وأمي ما أقول؟ قال: قل: " يا سامع كل صوت، ويا سائق القوت، ويا كاسي العظام لحما ومنشرها بعد الموت، أسألك بأسمائك الحسنى وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليما ذا أناة لا يقوى على أناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصى عددا، فرج عني " فكان ما ترى.
أما ما أدى إلى سجنه الأخير، فيذكر الفخري أنه وشى به بعض حساده من أقاربه إلى الرشيد وقال له: إن الناس يحملون إلى موسى خمس أموالهم ويعتقدون إمامته وأنه على عزم الخروج عليك. وكثر القول، فوقع ذلك عند الرشيد بموقع أهمه وأقله، وأعطى الواشي مالا أحاله به على البلاد، فلم يستمتع به، وما وصل المال من البلاد إلا وقد مرض مرضة شديدة ومات فيها.
وأما الرشيد فإنه حج في تلك السنة، فلما ورد المدينة قبض على موسى بن جعفر