شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢٦ - الصفحة ٢٢٣
فسبقته برضاع الحسين، وأما الحسن فإنه صنع في فيه شيئا لا يدري ما هو، فكان أعلم الرجلين) ا ه.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما، فيما أخرجه الطبراني في الأوسط، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(الزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله عز وجل، وهو يودنا، دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده، لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا).
والقرآن الكريم - كما سبق أن ذكرنا - أوضح مكانة أهل البيت في كثير من آياته، والسنة الشريفة الصحيحة المطهرة كذلك عامرة بالكثير والكثير من الأحاديث التي تشيد بذكرى آل البيت، وبيان ما لهم من فضل، وما هم عليه من صفاء الروح وطهارة القلب وتزكية النفس، ويكفي أهل البيت شرفا وفخرا وتعظيما) أن جدهم رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، الذي اصطفاه الله لرسالته، وأرسله للعالمين رحمة، بل ويكفي آل البيت شرفا وتقديرا، أن الصلاة على جدهم صلى الله عليه وسلم، بها كمال الصلاة المفروضة وتمامها.
ولقد أخذ الإمام الشافعي بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله، ولذلك قال رضي الله عنه، في هذا المعنى، مشيرا إلى وصفهم، ومنبها على ما خصهم الله تعالى به من رعاية فضلهم، ووجوب محبتهم، وتحريم بغضهم التحريم الغليظ بقوله:
يا أهل بيت رسول الله حبكموا * فرض من الله في القرآن أنزله كفاكموا من عظيم الأجر أنكموا * من لم يصل عليكم لا صلاة له وحب آل البيت يتمثل خير ما يتمثل في إكرامهم في حياتهم) وبعد مماتهم، وإكرامهم على هذا النحو إن ما يكون بمحبتهم وتعظيمهم وتقديرهم واحترامهم، مع مراعاة الأدب معهم استجابة لأمر (رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحقيقا لدعوته إذ قال صلوات الله وسلامه عليه:
(أولادي، أولادي إن أحسنوا فلأنفسهم، وإن أساءوا فالضمان علي).
وبعد: فقد أخرج الترمذي، والطبراني في المعجم الكبير، وابن مردويه، وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن الله قسم الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسما، فذلك قوله:
(وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين * وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال).
وأنا من أصحاب اليمين، وأنا خير أصحاب اليمين).
ثم جعل القسمين أثلاثا، فجعلني من خيرها ثلثا فذلك قوله:
(فأصحاب الميمنة * ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة * فالسابقون السابقون).
فأنا من السابقين! وأنا خير السابقين.
ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قوله:
(وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله تعالى ولا فخر.
ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا، فذلك قوله:
وفيه أحاديث:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب.
وقال العلوي الجليل أبو الحسين زيد الشهير ابن سيد الساجدين علي بن الحسين عليه السلام في (الصفوة) (ص ٩ نسخة مكتبة صنعاء في اليمن):
ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فقد أعلمتم أن جهالا من الناس يزعمون أن الله إنما أراد بهذه الآية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فانظر في القرآن فإن جعل أهل الأنبياء أزواجهم في الكتاب الذي أنزل عليهم فصدقوه، وإن كان سمى للأنبياء أهل سوى أزواجهم فهذه الجهالة بأمر الله، أرأيت نوحا ولوطا عليهما السلام حيث أمر بترك امرأتيهما أليس قد كان أهلها سواهما؟ قال عز وجل لنوح (احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم) وقال (إن لوطا لمن المرسلين * إذ نجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين) وقال ليوسف صلى الله عليه وسلم (وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك)، أفترى أن آل يعقوب إلا النساء. ثم قال (سلام على آل ياسين) وقال لإسماعيل صلى الله عليه (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة).
وقال في الصفوة: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) وقال (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) أفترى أن الله تبارك وتعالى أراد بهذه الصفوة نساءهم؟ أم هي خاصة لأهل بيت النبوة؟ أم رأيت موسى صلى الله عليه حين يقول: (واجعل لي وزيرا من أهلي) أهله الذين سأل منهم الوزير أزواجه، أرأيت أن يقول لقوم صالح صلى الله عليه (قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون)، أليس يرى أن له أهلا وأن له ولدا دون قومه؟ وقال زكريا صلى الله عليه (واجعل لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا)، أفلا ترى أن للأنبياء بأولياء دون قومهم؟ وهل ترى ذلك كله في ذكر الأنبياء قبل محمد صلى الله عليه أوتي أهلا، فما أهل الأنبياء بأعدائهم وما أعداء الأنبياء بأهليهم؟ فانظروا في أهل بيت نبيكم ومن كان أهل العداوة من قومه.