فآيست والله من نفسي وكتبت وصيتي والرسل يزعجوني ولبست كفني وتحنطت بحنوطي، وودعت أهلي وصبيتي، فنهضت إليه وما أعقل، فلما دخلت عليه سلمت عليه سلام مخاف وجل، فأومي إلي أن أجلس فلما جلست رعبا فإذا عنده عمرو بن عبيد وزيره وكاتبه، فحمدت الله عز وجل، إذ رأيت من رأيت عنده، فرجع إلى ذهني وأنا قائم فسلمت سلاما ثانيا، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ثم جلست، فعلم أني دهشت ورعبت منه، فلم يقل لي شيئا، فكان أول كلمة قالها أن قال: يا سليمان قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: يا بن مهران أدن مني، فدنوت منه فشم مني رائحة الحنوط فقال: يا أعمش والله لتصدقني أمرك وإلا صلبتك حيا، فقلت: سلني يا أمير المؤمنين عن حاجتك وما بدا لك أصدقك ولا أكذبك، فوالله إن كان الكذب ينجيني إن الصدق لأنجى لي منه، فقال لي: ويحك يا سليمان إني أجد منك رائحة الحنوط فأخبرني عما حدثتك به نفسك ولم فعلت ذلك؟ فقلت: أنا أخبرك يا أمير المؤمنين وأصدقك، أتاني رسلك في بعض الليل فقالوا: أجب أمير المؤمنين فقمت متفكرا خائفا وجلا مرعوبا، فقلت بيني وبين نفسي ما بعث إلي أمير المؤمنين في هذه الساعة وقد غادرت النجوم ونامت العيون إلا ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام فإن أنا أخبرته بالحق أمر بصلبي حيا فصليت ركعتين وكتبت وصيتي والرسل يزعجونني، ولبست كفني وتحنطت بحنوطي وودعت أهلي وصبيتي، وجئتك يا أمير المؤمنين سامعا مطيعا آيسا من الحياة راجيا أن يسعني عفوك، قال: فلما سمع مقالتي علم أني صادق وكان متكئا فاستوى جالسا وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلما سمعته قالها سكن قلبي وذهب عني بعض ما كنت أجد من رعبي، وما كنت أخاف من سطوته علي، فقال الثانية لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم قال ما اسمي؟ قلت: عبد الله المنصور محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، قال: صدقت، فأخبرني بالله وبقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله كم رويت في علي عليه السلام
(١٣)