التصورات والأفكار، بل يجب ان يكون وجود هذا العدد الضخم من الادراكات لدى النفس بسبب عوامل خارجية كثيرة، وهي آلات الحس وما يطرأ عليها من مختلف الأحاسيس (2).
ونقد هذا البرهان بصورة كاملة يتطلب منا أن نشرح القاعدة التي قام على أساسها، ونعطي ايضاحا عن حقيقة النفس وبساطتها، وهذا وما لا يتسع له مجالنا الآن. ولكن يجب ان نشير:
أولا: إلى أن هذا البرهان - إذا أمكن قبوله - فهو لا يقضي على نظرية الأفكار الفطرية تماما لأنه إنما يدلل على عدم وجود كثرة من الادراكات بالفطرة، ولا يبرهن على أن النفس لا تملك بفطرتها شيئا محدودا من التصورات يتفق مع وحدتها وبساطتها، وتتولد عنه عدة أخرى من التصورات بصورة مستقلة عن الحس.
ونوضح ثانيا: أن النظرية العقلية إذا كانت تعني وجود أفكار فطرية بالفعل لدى النفس الانسانية أمكن للبرهان الذي قدمناه ان يرد عليها قائلا ان النفس بسيطة بالذات فكيف ولدت ذلك العدد الضخم من الأفكار الفطرية، بل لو كان العقليون يجنحون إلى الايمان بذلك حقا لكفى وجداننا البشري في الرد على نظريتهم لأننا جميعا نعلم أن الانسان لحظة وجوده على وجه الأرض لا توجد لديه أية فكرة مهما كانت واضحة وعامة في الذهنية البشرية.
{والله الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة لعلكم تشكرون}