غزا العالم الاسلامي، منذ سقطت الدولة الاسلامية صريعة بأيدي المستعمرين، سيل جارف من الثقافات الغربية، القائمة على أسسهم الحضارية، ومفاهيمهم عن الكون، والحياة والمجتمع. فكانت تمد الاستعمار إمدادا فكريا متواصلا، في معركته التي خاضها للاجهاز على كيان الأمة، وسر أصالتها، المتمثل في الاسلام.
وفدت بعد ذلك إلي أراضي الاسلام السلبية، أمواج أخرى من تيارات الفكر الغربي، ومفاهيمه الحضارية، لتنافس المفاهيم التي سبقتها إلى الميدان، وقام الصراع بين تلك المفاهيم الواردة، على حساب الأمة، وكيانها الفكري والسياسي الخاص.
وكان لا بد للإسلام أن يقول كلمته، في معترك هذا الصراع المرير، وكان لا بد أن تكون الكلمة قوية عميقة، صريحة واضحة، كاملة شاملة، للكون، والحياة، والانسان، والمجتمع، والدولة والنظام، ليتاح للأمة أن تعلن كلمة (الله) في المعترك، وتنادي بها، وتدعو العالم إليها، كما فعلت في فجر تاريخها العظيم.
وليس هذا الكتاب، إلا جزء من تلك الكلمة، عولجت فيه مشكلة الكون، كما يجب أن تعالج في ضوء الإسلام، وتتلوه الأجزاء الأخرى، التي يستكمل فيها الاسلام علاجه الرائع، لمختلف مشاكل الكون والحياة.