كذا وكذا من النخل، يعمل فيها سلمان حتى تدرك، فغرس رسول الله صلى الله عليه وآله النخل كله إلا نخلة غرسها عمر (فأطعم النخل كله إلا تلك النخلة التي غرسها عمر)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من غرسها؟ قالوا:
عمر، فقلعها وغرسها رسول الله صلى الله عليه وآله (بيده) فأطعمت من تمامها (1)، وذكر البخاري: أن سلمان (رضي الله عنه) غرس بيده ودية واحدة وغرس رسول الله صلى الله عليه وآله سائرها، فعاشت كلها إلا التي غرسها سلمان، قال:
ويجوز أن يكون كل (واحد) من سلمان وعمر غرس بيده النخلة، أحدهما قبل الآخر - (انتهى)، أقول: وهذا الحائط الذي غرس فيه (رسول الله صلى الله عليه وآله) لسلمان، من حوائط بني النضير، وكان يقال له: الميثب، وقد آل إليه (صلى الله عليه وآله) - كما سيأتي. ولا يخفى أن قول صاحب الهمزية: كان يدعى قنا، يفيد أنه لم يرق حقيقة، وقد تقدم ذلك، وفيه: إنه لو لم يرق حقيقة لما أقره صلى الله عليه وآله وسلم على الرق، وأمره بالمكاتبة وأدى عنه، وكونه فعل ذلك تطييبا لخاطر ساداته بعيد (جدا)، فليتأمل، فإن قيل: إذا رق حقيقة كيف جاز له صلى الله عليه وآله أن يأمر أصحابه أن يأكلوا مما جاء به صدقة ويأكل هو وهم مما جاء به هدية، والرقيق لا يملك وإن ملكه سيده - على الأصح عندنا معاشر الشافعية، بل وعند باقي الأئمة -؟ قلنا: يجوز أن يكون الرقيق (كان) في صدر الإسلام يملك ما ملكه (له) سيده ثم نسخ ذلك، على أن بعض أصحابنا ذهب إلى صحته، وفي كلام السهيلي: (وذكر أبو عبيد:) إن حديث سلمان حجة على من قال: إن العبد لا يملك - هذا كلامه، أو أنه صلى الله عليه وآله لم يعلم رقه حينئذ لأن الأصل في الناس الحرية، ولعدم تحقق رق سلمان وعدم مجئ مكاتبته على قواعد أئمتنا لم يستدلوا على مشروعية الكتابة بقصة سلمان، وفي كلام السهيلي: إن في خبر سلمان من الفقه: قبول الهدية، وترك سؤال المهدي (إليه) وكذلك الصدقة، وفي الحديث: من قدم إليه (الطعام) فليأكل ولا يسأل - والله أعلم) (2)