(ا) كمل شهادته قضى نحبه ولقى ربه رضي الله تعالى عنه، فقال: بينما (1) نحن كذلك إذ أتى رجل على بغلة شهباء (2) ملتثما، فسلم علينا فرددنا السلام عليه فقال: يا أصبغ! اجهدوا (4) في أمر سلمان، فأخذنا في أمره، فأخذ معه حنوطا وكفنا فقال: هلموا فإن عندي ما ينوب عنه، فآتيناه بماء ومغسل فلم يزل يغسله بيده حتى فرغ وكفنه وصلى عليه فصلينا خلفه، ثم إنه دفنه بيده (5)، فلما فرغ من دفنه وهم بالانصراف تعلقنا به وقلنا له:
من أنت (يرحمك الله)؟ فكشف لنا عن وجهه، فسطع النور من ثناياه كالبرق الخاطف فإذا هو أمير المؤمنين، فقلت له: يا أمير المؤمنين! كيف كان مجيئك ومن أعلمك (6) بموت سلمان؟ قال: فالتفت إلي عليه السلام وقال: آخذ عليك يا أصبغ عهدا لله وميثاقه إنك لا تحدث بها أحدا ما دمت (حيا) في دار الدنيا؟ فقلت: يا أمير المؤمنين! أموت قبلك؟ فقال: لا يا أصبغ بل يطول عمرك، قلت له: يا أمير المؤمنين! خذ علي عهدا وميثاقا فإني لك سامع مطيع، إني لا أحدث به حتى يقضي الله (7) من أمرك ما يقضي وهو على كل شئ قدير، فقال: يا أصبغ! بهذا عهدني (7) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإني قد صليت هذه الساعة بالكوفة وقد خرجت أريد منزلي، فلما وصلت إلى منزلي اضطجعت، فآتاني آت في منامي وقال: يا علي! إن سلمان قد قضى (نحبه)، فركبت بغلتي وأخذت معي ما يصلح للموتى فجعلت أسير فقرب الله لي البعيد، فجئت كما تراني، وبهذا أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إنه دفنه وواراه فلم أدر أصعد إلى السماء أم