صلى الله عليه وآله وسلم، فأما الذي لم يتغير منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى فارق الدنيا طرفة عين فالمقداد بن الأسود، لم يزل قائما قابضا على قائم السيف، عيناه في عيني أمير المؤمنين عليه السلام ينتظر متى يأمره (عليه السلام) فيمضي) (1).
وبالإسناد عن الصفار، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن كرام، عن إسماعيل بن جابر، عن مفضل بن عمر قال: (قال أبو عبد الله عليه السلام: لما بايع الناس أبا بكر أتي بأمير المؤمنين عليه السلام ملببا ليبايع، قال سلمان: أيصنع ذا بهذا؟ والله لو أقسم على الله لانطبقت ذه على ذه، قال:
وقال أبو ذر، وقال المقداد: والله هكذا أراد الله أن يكون، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كان المقداد أعظم الناس إيمانا تلك الساعة) (2).
أقول: قال العلامة في الخلاصة: (سلمان الفارسي (رحمة الله عليه) مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكنى أبا عبد الله، أول الأركان الأربعة، حاله عظيم جدا مشكور لم يرتد) (3).
قلت: لأنه لم يكن ما خطر بقلب سلمان أو نطق به، بعد تسليم تلك الأخبار المعارضة، بخصوص ما تقدم عن الكشي المعتضد بغيره مما يمكن دعوى تواتره، مما يعد من الصغائر أو يندرج في سلك الكبائر، وإن هو بالنسبة إلى مقامه الأمثل ما صدر من الأنبياء مما كان الأولى بمقامهم تركه، وقد يكون ذلك لشدة محبته وفرط إخلاصه فيعتريه من لوازم البشرية ما يوهم أن يكون منافيا لمقامه، ومن ذلك ما حصل للإمام علي بن الحسين عليهما السلام في الطف حين مروا به على القتلى من الهم والحزن حتى نست عمته ما أصابتها من المصائب وجعلت تسليه وتذكر له ما سمعت من أبيها مما اشتمل عليه خبر زائدة (4)، وليس مقام الحجة من رعيته والإمام من تبعته إلا كالشمس من