ورسوله وأمير المؤمنين فيطيعه كل شئ ولا يضره شئ، فلما دخل سلمان عليه قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إرفق يا سلمان بأخيك المقداد أرفق الله بك).
أقول: قد تقدم ويأتي إن النبي صلى الله عليه وآله آخى بين سلمان وأبي ذر - وهو الأصح -، ولا اعتماد على ما تفرد به الحسين بن حمدان لما سنذكره، وقال ابن أبي الحديد: (قال أبو عمرو: آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بينه وبين أبي الدرداء لما آخى بين المسلمين) (1)، ولا يخفى ضعفه وغرابته.
وقال الإمام الهمام أبو محمد الحسن بن محمد العسكري عليهما السلام في تفسير قوله تعالى: (ويؤمنون بالغيب) بعد ذكر معناه: (وذلك أن سلمان الفارسي مر بقوم من اليهود فسألوه أن يجلس إليهم ويحدثهم بما سمع من محمد صلى الله عليه وآله في يومه هذا، فجلس إليهم لحرصه على إسلامهم، فقال: سمعت محمدا صلى الله عليه وآله يقول: إن الله عز وجل يقول: يا عبادي! أوليس من له إليكم حوائج كبار لا تجودون بها إلا أن يتحمل عليكم بأحب الخلق إليكم تقضونها كرامة لشفيعهم؟ ألا فاعلموا أن أكرم الخلق علي وأفضلهم لدي:
محمد وأخوه علي ومن بعده من الأئمة الذين هم الوسائل إلي، ألا فليدعني من هم بحاجة يريد نفعها أو دهته داهية يريد كف ضررها بمحمد وآله الأفضلين الطيبين الطاهرين، أقضها له أحسن مما يقضيها من تستشفعون إليه بأعز الخلق عليه، قالوا لسلمان - وهم يستهزؤون به -: يا أبا عبد الله! فما لك لا تقترح على الله وتتوسل بهم أن يجعلك أغنى أهل المدينة؟ فقال سلمان:
قد دعوت الله بهم وسئلته ما هو أجل وأفضل وأنفع من ملك الدنيا بأسرها، سألته بهم أن يهب لي لسانا لتمجيده وثنائه ذاكرا، وقلبا لآلائه شاكرا وعلى الدواهي الداهية لي صابرا، وهو تعالى قد أجابني إلى ملتمسي من ذلك، وهو أفضل من ملك الدنيا بحذافيرها وما تشتمل عليه من خيراتها مأة ألف ألف مرة.