والأمالي عن المفضل بن عمر قال: (سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد) الصادق عليه السلام عن العشق؟ فقال عليه السلام: قلوب خلت عن ذكر الله فأذاقها الله حب غيره) (1)، وليس السؤال عن حقيقة العشق، لعدم ربط الجواب به، بل عن سببه، فأبان عليه السلام إن السبب في اعترائه خلو القلب عن ذكر الله، ولا يجاهد في ذات الله من لا يكون له ذاكرا، إذ به يطمئن القلب اللاهي ويستقيم، ويسير إليه بقلب سليم، ولا فهو رضيع ثدي الشيطان وربيب حجره، أين له النظر إلى مدارج العارفين الذين قصارى غاية أفكارهم معرفته عز سلطانه، وقد أبان من لا يعرف الله إلا بمعرفتهم طرق الوصول إلى معرفته، وليس فيها حب الفتيان وإلا مارد للانتقال إلى حبه تعالى، إلا أن يكون إكمال الدين وإتمامه بيد هؤلاء الذين هم غيلان الدين ولصوص شريعة سيد المرسلين.
ومن هنا كان التعبير عن الافراط في حب الله تعالى بالعشق خروجا عن طريق محاورة الأئمة ومصطلحهم، وعن رشحات بحار حبهم صار من أراد الله أن يهديه أحباؤه وأولياؤه، ولم يعهد التعبير عنهم به في أدعيتهم ومناجاتهم وبيانهم لصفات المتقين والمؤمنين وذكرهم لصفات الإمام وخصائصه وفضائله، ولا عن الذين كانوا لهم أخصاء وأولياء في السر والعلانية، أرأيت أحدا في السالكين أعشق على مصطلح هؤلاء عن سيد الساجدين، أو رأيت في حكمه ومناجاته لفظ العشق، والذي رام التشبيه بهم لا يخرج عن سننهم وآدابهم في جميع المراتب بما يقدر عليه من الأفعال والأقوال والحركات والسكنات.
هذا ابن عربي الحنبلي، قال في الفتوحات بعد ذكر بعض مقامات القطب ما معناه: (ما وصلت إلى هذا المقام إلا بالتسنن بجميع سنن النبي صلى الله عليه وآله، ولم يدخل في هذا الباب إلا الإمام أحمد بن حنبل، فقد بلغني إنه لم يأكل البطيخ لأنه قال: إني لا أعلم أن النبي صلى الله عليه وآله كيف