بعثهم أنبياء مرسلين وغير مرسلين)، وإن كان موردهما متعددا - كما مر -، إذ الإشكال واحد، مع إنا استظهرنا اتحاد المورد بما عرفت، إلا أن يقال ذلك فيه أيضا، وبعده غير خفي على الأنظار السليمة.
الثالث: أن يكون المراد من بعثهم أنبياء كونهم مأمورين ببيان ما عاينوا في عالم البرزخ من الأهوال الفاظعة والأحوال الفاضحة والشدائد المعدة لمن عاند الرسل وعاق (1) عن السبل، تخويفا للغافلين الذين كانوا معهم شركاء في الجحد والعناد، فإنه أوقع في القلوب وأردع عن الذنوب، إلا أنه مع قصوره في نفسه غير واف للجواب عن تمام الإشكال.
الرابع: ما احتمله رحمه الله أيضا من: (أنه يكفي عصمتهم بعد الرجعة، وفيه إشكال) (2)، والله يعلم.
قلت: هذا أظهر الأجوبة بالنظر إلى الأدلة التي تمسكوا بها لإثبات العصمة من حيث قصورها عن إثباتها في مثل هؤلاء قبل زمان رجعتهم:
أما الأخبار: فليس فيها عموما زمانيا يشمل مثل هذا الفرد، وقد قال هذا الفاضل في خامس بحاره: (إن العمدة فيما اختاره أصحابنا من تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم السلام عن كل ذنب ودناءة ومنقصة قبل النبوة وبعدها قول أئمتنا سلام الله عليهم بذلك، المعلوم لنا قطعا بإجماع أصحابنا رضوان الله عليهم، مع تأيده بالنصوص المتظافرة حتى صار ذلك من قبيل الضروريات في مذهب الإمامية - انتهى) (3).
وأما العقلية: فأقوى ما تمسك به الأقدمون واقتصر عليه بعضهم - كالشيخ أبي إسحاق بن إبراهيم نوبخت في الياقوت (4)، وشيخ الطائفة في بعض مسائله وغيرهما -، وهو دليل التنفير وسقوط محله عن القلب لو فعل المعصية، وبه يبطل الغرض من البعث، وهو أن تم إنما يجري فيمن لحقه