ويستفاد من الخبر المذكور أن إعادة فواضل المكلف غير واجبة، وبه تندفع الشبهة المشهورة أن المعاد البدني غير ممكن، لأنه لو أكل إنسان إنسانا وصار جزء بدنه: فإما أن لا يعاد وهو المطلوب، أو يعاد فيهما معا وهو محال، أو في أحدهما وحده فلا يكون الآخر بعينه معادا. وهذا مع إفضائه إلى ترجيح من غير مرجح يستلزم المطلوب وهو عدم إمكان إعادة جميع الأبدان بأعيانها، وذلك لأن المعاد إنما هو الأجزاء الأصلية الباقية، وهذا الجزء فضل لا يجب إعادته، نعم لو كان من الأجزاء الأصلية للمأكول أعيد فيه وإلا فلا، أو يقال: أجزاء المأكول أصلية له وفضلية للآكل، فيعاد كل منهما مع أجزائه الأصلية، فيرد أصلية المأكول التي صارت فضلية الآكل إلى المأكول وتبقى فضلية الآكل معه فلا يمتنع العود.
وعلى تقدير عدم إعادة الأجزاء مطلقا، أصلية كانت أو فضلية، فبقاء الطينة التي يخلق منها كما خلق أول مرة كاف في القول بالمعاد البدني، وإليه يشير قول بعض الأفاضل (1): الظاهر أن أمثال هذه الأخبار وردت لدفع شبه الملاحدة في نفي المعاد الجسماني الوارد في الآيات والأخبار المتواترة التي صار من الدين ضرورة وإنكاره كفرا اتفاقا، وشبهتهم: أن الميت إذا صار رميما أو صار جزءا لبدن إنسان آخر أو حيوان فلا يمكن بعثه في البدنين، وأن الانسان الفاعل للخير والشر في كل يوم يتحلل بدنه والغذاء بدل ما يتحلل منه حتى أنه لا يبقى في سنة ما كان في السنة السابقة، فكيف يبعث؟ والجواب: أن النطفة والتربة المخلوق منهما لا يبلى ولا يصير جزءا للحيوان الآخر ويبعث منهما، وهو ممكن أخبر به الصادق (عليه السلام) عن الله فيجب قبوله، على أن الله قادر على أن لا يجعل كله جزءا أو يبعثه مع أجزائه الذاهبة بالتحليل، انتهى.
ثم أنت خبير بأن هذا الخبر يؤيد القول بامتناع إعادة المعدوم، فلا تغفل، ونحن قد فصلنا القول فيه في بعض رسائلنا (2). فليطلب من هناك.