والحاصل: أن كون الولي ممنوعا من الهبة المذكورة غير منصوص ولا مفهوم من الخبر، ومساواتها للطلاق المنصوص في المعنى المقتضي للمنع مع أنه قياس ومخالف للأصل ممنوعة، لأن لكل منهما حدودا ولوازم مختلفة، واختلاف اللوازم يدل على اختلاف الملزوم.
فلعل غرض الشارع من نهي الولي عن الطلاق دون الهبة تعلق بما هو معتبر في أحدهما دون الآخر، فهذا القياس على القول به باطل لانتفاء الجهة الجامعة، فنقول: كما جاز للولي العقد أو البناء على أصالة الجواز وثبوت ولايته الشرعية فليجز له الهبة آخرا بناء على ذلك الأصل السالم عن المعارض، وإنما خرج عنه الطلاق عن العقد الدائم للدليل من الخارج، وهو على تقدير تسليمه إنما دل على كونه ممنوعا من الطلاق ولم يدل على كونه ممنوعا من غيره، فليقتصر عليه فيما خالف الأصل، وبالله التوفيق.
[مسألة في حرمة النظر إلى أخت الموطوء] من أوقب غلاما أو رجلا بأن أدخل به بعض الحشفة حرمت عليه أم الموطوء وأخته وبنته مؤبدا. وهل يجوز للموقب أن ينظر إليهن كما يجوز له النظر إلى سائر محارمه وبالعكس؟ الظاهر العدم، فإن كلا منهما بالقياس إلى الآخر أجنبي، وحرمة النكاح مطلقا لا تعطي جواز النظر مطلقا، بل المحرم الذي يجوز النظر إليه هو من حرم نكاحه مؤبدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة مع حل السبب كما صرح به الأصحاب وبيناه في بعض رسائلنا (1) وهنا ليس كذلك، إذ لا نسب بينهما ولا رضاع ولا مصاهرة.
وأسباب جواز النظر إلى الحرة المسلمة البالغة العاقلة وبالعكس منحصرة فيها، فمن زنى بذات بعل أو بذات عدة رجعية أو عقد عليهما مع العلم بأنهما كذلك أو عقد على امرأة وهو محرم عالما بالتحريم حرمن عليه مؤبدا، ولكن