الوجوب أحوط؟ هذا.
ولا منافاة بين عدم توثيقه (رحمه الله) أبا علي وتوثيقه له في آيات أحكامه، لأنه كتبها بعد شرحه هذا، فعن له وقتئذ من تتبعه كتب الأصحاب من الرجال والفقه توثيقه، فإنه لما رأى توثيق صاحب المنتهى له وكذلك الشهيد الثاني في شرح الشرائع، ولاحظ في كتب الرجال ما أسلفناه، حدث فيه الميل إلى توثيقه، فخالف المشهور وطرح القول الزور، كذلك يفعل الرجل البصير.
[تحقيق حول خلقة حواء (عليها السلام)] قال في مجمع البيان: قال أهل التحقيق: ليس يمتنع أن يخلق الله حواء من جملة جسد آدم بعد أن لا يكون مما لا يتم الحي حيا إلا به، لأن ما هذه صفته لا يجوز أن ينقل إلى غيره أو يخلق منه حي آخر من حيث يؤدي إلى أن لا يمكن إيصال الثواب إلى مستحقه، لأن المستحق لذلك هو الجملة بأجمعها (1).
أقول: هذا ليس بتحقيق، فكيف يكون قائله من أهله؟ وذلك لأن المستحق للثواب والعقاب هو النفس المجردة والمدرك للذات والآلام وإن كانتا جسمانيين إنما هو النفس، والبدن آلة لها في أفعالها التي يستحق بها الثواب والعقاب، ولا محذور في أن يكون استحقاقها لهما عند تعلقها بآلة هي جملة الجسد قبل أن ينتقل منها ما هذه صفته، يشهد بذلك ثواب البرزخ وعقابه المتفق عليهما الأمة، مع اختلاف الآلتين، بل مباينتهما رأسا.
فيعلم منه أنه يجوز أن ينقل ما هذه صفته، أو يخلق منه حي آخر من غير أن يؤدي ذلك إلى عدم إمكان إيصال الثواب إلى مستحقه، ولا يدفع هذا عنهم القول بمادية النفس إلا على بعض الوجوه القائلة في حقيقتها من كونها مزاجا، أو حياة أو تخاطيط الأعضاء وتشكل البدن، أو هيكلا محسوسا، أو الأخلاط الأربعة، أو جزء لطيفا داخل البدن، أو جزء لا يتجزأ في القلب، أو جسما مركبا من نارية الأخلاط، أو أجزاء أصلية في البدن.