وقال بعض الفضلاء: والمراد بالطينة: إما التراب الذي يدخل في النطفة كما هو ظاهر الآيات الكثيرة وإن فسروها بغيرها، مثل قوله تعالى: * (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) * (1) وظاهر الأخبار مثل صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: " من خلق من تربة دفن فيها " (2) ورواية الحارث بن المغيرة " قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن النطفة إذا وقعت في الرحم بعث الله ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها فماثها - أي خلطها - في النطفة، فلا يزال قلبه يحن إليها حتى يدفن فيها " (3) ويمكن أن يكون المراد بها بعض النطفة لأن بعضها يخرج منه وبسببه يجب غسل الميت. أو يكون المراد منها النطفة مع التربة، وبقاؤها مستديرة يمكن أن يكون على الحقيقة وتكون محفوظة حتى يبعث منها، أو على المجاز بأنها دائرة على الحالات ولو في الكيزان والصحاف حتى يخلق منها.
وقال آخوندنا المراد في حواشيه على الفقيه: يمكن أن يراد بالطينة ذرة من الذرات المسؤولة في الأزل بقوله: * (ألست بربكم) * بعد ما جعلت قابلة للخطاب بتعلق روح كل واحدة بها، فيكون بدن كل إنسان مخلوقا من ذرة من تلك الذرات، فينميها الله تعالى إلى ما شاء من غاية ثم يذهب عنها ما زاد عليها، وتبقى مستديرة في القبر إلى ما شاء الله، فيزيد فيها تلك الزيادات وقت الإحياء (4).
وفيه نظر، أما أولا: فلأنه يستلزم القول بأزلية الأرواح، وهو مع كونه خلاف ما ذهب إليه المليون من المسلمين وغيرهم إذ لا قديم عندهم في الوجود إلا الله، والأخبار المتواترة من الطريقين، بل هو من ضروريات الدين، باطل لما تقرر من أنها حادثة بحدوث البدن، قال صاحب التجريد: وهي حادثة (5)، وهو ظاهر على قولنا، وعلى قول الخصم لو كانت أزلية لزم اجتماع الضدين أو بطلان ما ثبت،