[تحقيق حول الحديث الوارد في أن القرآن ذلول ذو وجوه] قال (عليه السلام): " القرآن ذلول ذو وجوه، فاحملوه على أحسن الوجوه " (1).
أقول: في نهاية ابن الأثير: الذلول من الذل بالكسر ضد الصعب (2) وفي مجمع البيان في فصل اللغة في كريمة * (وجعل لكم الأرض ذلولا) * (3): الذلول من المراكب ما لا صعوبة فيه (4) فالظاهر في وجه الشبه أن يقال: كما أن الذلول من المراكب ينقاد لراكبه ويطيعه حيث يشاء وإلى أي وجه يريد إنعطافه كذلك القرآن لما كان ذا وجوه كثيرة - كما يشعر به الإتيان بصيغة جمع الكثرة - يمكنهم حمله على أي وجه أرادوا وأي مذهب شاءوا.
ولذلك قال علي (عليه السلام) في وصيته لعبد الله بن عباس لما بعثه للاحتجاج على الخوارج: " لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة فإنهم لم يجدوا عنها محيصا " كذا في نهج البلاغة (5).
ومن هنا ترى الأمة بعد نبيهم (صلى الله عليه وآله) قد كثر اختلافهم في المذاهب والاعتقادات، وكلهم يحتج بآي منه، وقلت آية لم يذكروا فيها وجوها عديدة ومحامل شنيعة، ولم ينقلوا فيها أقوالا ومذاهب كما يشهد به تتبع التفاسير والسير، وخاصة التفسير الكبير (6) للإمام الطبرسي (رحمه الله).
لكن الواجب على ما دل عليه ظاهر الخبر ويؤيده قوله: * (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) * (7) حمله على أحسن الوجوه، وهو ما كان ظاهرا قريبا متبادرا، محفوفا بشواهد شرعية، مقرونا بقواعد عربية، مطابقا للأمر نفسه، موافقا لميزان العقل وقانونه من غير كلفة وسماجة، ولذا كان مدار