سوى الله تعالى، وليس كذلك، إذ للزمان وراسمه وما هو موضوع لذلك الراسم وغيرها على هذا الفرض معية أزلية مع الواجب، وإلا لزم حدوث الزمان، والمقدر خلافه. نعم لو كان المراد بالأسبقية الأسبقية الذاتية لكان له وجه، وليس فليس، فكان الواجب أن يقول: إذ لو قيل بزمان موجود قديم لا يتصور الأسبقية بحسب الزمان، مع أنه يلزم منه إثبات قديم سوى الواجب.
وأما رابعا: فلأن الخطبة لما كانت بظاهرها معارضة بأخبار كثيرة صريحة في بقاء النفس أبدا، وكذلك الجنة والنار وأهاليهما، من غير أن يطرأ عليها العدم كما بيناها في الهداية (1) ومعمول بها عند علمائنا كالصدوق والشهيد وغيرهما حيث اعتقدوا بقاء النفس دائما، وذكروا لإثباته تلك الأخبار، وجب تأويلها إلى ما يوافقها، إذ الجمع مهما أمكن أولى من اطراح بعضها رأسا، وخاصة إذا كان ذلك البعض مما تلقاه بالقبول جم غفير من الفحول وجمع كثير من ذوي الأحلام والعقول، فالأمر أن بني على التقليد فتقليدهم أولى، لقرب عهدهم وصفاء ذهنهم وغاية تتبعهم في الأخبار وتصفحهم في الآثار وكمال تصلبهم في الدين، أولئك آبائي فجئني بمثلهم، وإن بني على ما هو مقتضى الأدلة والتحقيق فالتحقيق يقتضي ترجيح تلك الأخبار أو تأويل تلك الخطبة وأمثالها إلى ما يطابقها، وإلا فإبقائها على ظاهرها واطراح غيرها مع أنه أكثر وأقوى ليس بأولى من العكس، كيف وتلك الأخبار مؤيدة بأدلة عقلية قطعية دالة على امتناع إعادة المعدوم حتى كاد أن يكون بديهيا، ولذا قال كثير، منهم: ابن سينا في التعليقات وغيره: إن تلك الأدلة تنبيهات على المطلب، وإلا فأصله بديهي، وإنكاره يوجب رفع الاعتماد عن حكم العقل رأسا.
قال المحقق الدواني في القديمة بعد نقل كلامه: ولما كان الشيخ يدعي بداهة المدعى لم يبال بذكر بعض المقدمات التنبيهية في صورة المنع.