بعد فنائه، ومع ذلك فهو مخالف لكثير من الآيات والروايات الدالة على بقائها بعد خرابه ما دامت في عالم البرزخ. أو على أنه يقول ببقائها مدة البرزخ، كما يظهر منه في بعض كتبه حيث قال: حضور النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) عند الموت مما قد وردت به الأخبار... إلى أن قال: ويمكن أن يكون حضورهم بجسد مثالي لطيف لا يراه غير المحتضر، وستأتي الأخبار في سائر الموتى أن أرواحهم في البرزخ متعلق بأجساد مثالية، وأما الحي من الأئمة (عليهم السلام) فلا يبعد تصرف روحه لقوته في جسد مثالي أيضا (1)، انتهى. ولكنه يقول بفنائها عند النفخة الأولى أو بعدها، وهو أبعد من سابقيه، لأنه مع كونه خرقا للإجماع المركب فإن من جوز إعادة المعدوم جوز فناءها بفنائه، فهو لا يقول ببقائها بعد فنائه، ثم بفنائها بعد مدة من فنائه يخالف كثيرا من الأخبار الدالة على أنها إذا فارقت البدن فهي باقية: إما منعمة أو معذبة، إلى أن يردها الله تعالى بقدرته إلى بدنها، وقد ذكرنا نبذا من تلك الأخبار مع قول بعض الأخيار في الرسالة (2).
بل يظهر من بعضها - وقد سبقت إليه الإشارة - أن أجساد نبينا وأوصيائه صلوات الله على أرواحهم وأجسادهم تبقى إلى يوم القيامة من غير أن تصير رميما ورفاتا، مع أنه (قدس سره) قد صرح في كلامه المنقول منه آنفا أن الأرواح في البرزخ تتعلق بالأجساد المثالية وأسنده إلى الأخبار، وقد ورد في غير واحد منها أن البرزخ عبارة من القبر حين الموت إلى يوم القيامة وهو يوم البعث، لقوله تعالى:
* (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) * (3) وبعده بلا خلاف لا موت ولا فناء لشئ من الأرواح، فكيف يسوغ له القول بأنه تعالى يفني الأشياء جميعا ثم يوجدها؟
واعلم أنه (قدس سره) قد صرح في شرحه على الكافي في كتاب العقل بأن تجرد النفس لم يثبت لنا من الأخبار، بل الظاهر منها ماديتها كما بيناه في مظانه.