وهذا التأويل مع أنه منافر لما سبق منه آنفا، ومخالف لما أجمع عليه المليون، وقال المسلمون منهم: إنه من ضروريات الدين من القول بوجود إله العالم بدونه بأن يكون بينهما فصل، يدل على أن الجنيد تفلسف من بعد ما تصوف، ولم ينقل ذلك عن أحد، ومن المعلوم أن بين مذهبي التصوف والتفلسف بونا بعيدا خاصة في هذه المسألة.
والحق أن معنى هذا الحديث وما شاكله كقول الباقر (عليه السلام) في جواب زرارة بعد أن سأله: أكان الله ولا شئ؟: " نعم كان ولا شئ " (1) لا يتصحح مع رعاية قانون الشرع إلا على القول بالزمان التقديري كما ذكر الطبرسي (قدس سره) في مجمع البيان وهو يرجع إلى الحدوث الدهري كما فصلناه في بعض رسائلنا (2) أي: لو فرضنا وقدرنا قبل حدوث الزمان زمانا آخر لم يكن فيه شئ وكان الله فيه موجودا بالمعنى الذي يقال الآن: إنه تعالى موجود، وهو أن وجوده مقارن لوجود الزمان، إلا أنه منطبق عليه انطباق الحركة، بل لا يصح ذلك في الجسم أيضا.
وعلى هذا فلا إشكال فيه ولا حاجة في تصحيحه إلى القول بانسلاخ كان عن مطلق الزمان كما في الآية بل هي فيهما زمانية، أو في الحديث زمانية وفي الآية زائدة للتوكيد كما قالوا بمثله في قوله تعالى: * (كيف نكلم من كان في المهد صبيا) * (3) وكذا الكلام في المعية المنفية فإنها أيضا زمانية لا ذاتية، فإن مجرد الحدوث الذاتي بل الزماني الموهوم أيضا يخالف النقل بل العقل، بل الإجماع أيضا كما أومأنا إليه في رسالة لنا معمولة لبيان تحقيق القول بالحدوث الدهري (4)، فليطلب من هناك.
[تحقيق حول ما ورد أن آدم ونوحا ضجيعان لأمير المؤمنين (عليه السلام)] قال آية الله العلامة والنحرير الفهامة روح الله روحه في جواب من سأله عما