لا يجوز أن ينظر أحدهما إلى الآخر إلا مرة من غير قصد ولا معاودة كما في سائر الأجنبيات، للأمر بغض البصر وحفظ الفروج، والمفهوم منه تحريم النظر وعدم حفظ الفروج مطلقا، وقد علم الجواز في المحارم والحلائل بالآية والرواية والإجماع وبقي الباقي في تحته. نعم جوزوا النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها، أو أمة يريد شراءها بشرائط مذكورة في محالها.
فما أفتى به المعاصر المذكور من جواز نظر الموقب إلى أخت الموطوء بعد أن سئل عنه بخصوصه، مردود لما عرفت.
[تحقيق حول الحديث النبوي: " الناس معادن... الخ "] قال سيد البشر على ما ورد عنه في الخبر: " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام " (1) (2).
أقول: المعدن كالمجلس: منبت الجوهر من ذهب ونحوه، وهو مأخوذ من عدن بالبلد إذا أقام فيه، سمي بذلك لإقامة أهله فيه، أو لإثبات الله إياه فيه.
والخيار خلاف الأشرار، ومنه قول البغدادي في جواب المصري: حسناء خير من خياركم.
يعني: كما أن معادن الذهب - مثلا - مختلفة في الجيادة والرداءة، فبعضها جيد لا يحتاج إلى عمل ومعالجة لحصوله وظهور جوهره وبعضها ردي وبعضها فوق بعض فيهما إلى غير ذلك من الاختلافات بالعرض، كذلك أفراد الناس مختلفة في الصفات والمهلكات، فمنهم أخيار ومنهم أشرار، ومنهم من له فطانة لا يحتاج إلى معلم بشري يتصرف فيه ليخرجه من القوة إلى الفعل، ومنهم من له غباوة لا تعود عليه الفكرة بل يثبت جميع أفكاره عن مطالبه ولا يفيده المعلم، ومنهم من له فطانة إلى حد ما ويستمتع بالفكر وله إصابة في المعقولات ويفيده المعلم، وتلك